الفصل السادس : في
تسوية الصفوف
قال
اللخمي : يبتدأ بالصفوف من خلف الإمام ، ثم من على يمينه وشماله حتى يتم الصف ، ولا يبتدأ بالثاني حتى يكمل الأول ، ولا بالثالث قبل الثاني ، والصف الأول ما يلي الإمام فإن كان ثم مقصورة محجرة ، فالصف الأول الخارج عنها للوضوء بها .
[ ص: 261 ] فروع خمسة :
الأول : قال في الكتاب :
من صلى خلف الصفوف فصلاته تامة فإن جبذ إليه أحدا فهو خطأ منهما . والإجزاء قول ح و ش ، خلافا
لابن حنبل ، وبالغ فقال : من افتتح صلاته منفردا خلف الإمام فلم يأت أحد حتى رفع رأسه من الركوع فصلاته وصلاة من تلاحق به بعد ذلك باطلة ; لما في
أبي داود nindex.php?page=hadith&LINKID=10348622أنه - عليه السلام - رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره بالإعادة . لنا ما في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=hadith&LINKID=10348623عن أبي بكرة أنه دخل المسجد وهو - عليه السلام - راكع فركع دون الصف ، فقال عليه السلام : زادك الله حرصا ولا تعد . وأما خطأ الموافق له فلأن الصف الأول أفضل ، وقال ش : فيستحب له ذلك ، وفي
أبي داود وسطوا الإمام ، وسدوا الخلل .
الثاني : قال صاحب الطراز :
من تأخر عن الصف لعذر ، وصلى منفردا فلا شيء عليه ، وأعاد عند
مالك خلافا
لابن حبيب .
الثالث : قال في الكتاب :
من دخل وقد قامت الصفوف قام حيث شاء ، وكان يتعجب ممن يقول يقوم حذو الإمام . حجة المخالف : أن ابتداء الصفوف من خلف الإمام وهذا مبتدئ صف وعند
مالك ذلك خاص بالصف الأول ، فإنه
[ ص: 262 ] الموازي ، وقال صاحب الطراز : قال
مالك : إن رأى خللا في الصف سده إن لم يضيق على غيره ، فرب خلل بين قائمين يسترانه إذا جلسا ، ويخرق ثلاثة صفوف للفرجة فإن كانت الفرج كثيرة مشى إلى آخرها عند
مالك ، وإلى أقربها إلى الإمام عند
ابن حبيب ، فإن كانت الفرجة عن يمينه أو يساره ، قال
ابن حبيب : يتركها ، قال : والذي قاله صحيح فيمن هو في الصلاة ، أما من ليس في الصلاة فإنه يخرق الصفوف إلى الفرجة في الصف الأول كما فعله - عليه السلام -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348624لما جاء من عند بني عمرو بن عوف فوجد أبا بكر يصلي بالناس .
الرابع : قال في الكتاب :
إذا كانت طائفة عن يمين الإمام فلا بأس أن تقف طائفة عن يساره ، ولا تلتصق بالطائفة التي عن يمينه ، وكره
تفريق الصفوف وكذلك في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قال
أنس : كان أحدنا يلصق منكبه بمنكب صاحبه ، وقدمه بقدمه . وفي الموطأ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348625أن عثمان - رضي الله عنه - كان لا يكبر حتى يأتيه رجال قد وكلهم بتسوية الصفوف فيخبرونه أن قد استوت فيكبر ، وكذلك
عمر . قال صاحب الطراز : فإن رأى رجلا خارجا من الصف يشير إليه ، ويجوز
تقطيع الصف الموغر في الموضع ، وأرخص
مالك للعالم يصلي في آخر المسجد في موضعه مع أصحابه وإن بعدت الصفوف عنهم ويسدون فرجهم ، وأرخص في
اعتدال الصف لطلب الشمس أو الظل ، وأجاز في الكتاب
الصلاة بين الأساطين إذا ضاق المسجد ، وكراهيته : إما لتقطيع الصفوف ، أو لأنه مظنة النجاسة من
[ ص: 263 ] الأحذية ، قال : قال
مالك : إذا كانت المقصورة لا تدخل إلا بإذن فالصف الأول ما خرج عنها ، وإلا فلا .
الخامس : قال في الكتاب : إذا
صلت النساء بين الرجال صحت صلاتهم ، وقاله ش ، وقال ح : محاذاة المرأة تفسد الصلاة ; لقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348626أخروهن حيث أخرهن الله ، فمن لم يؤخرهن فهو قائم مقاما منهيا عنه فتفسد صلاته .
وجوابه : أنه محمول على الندب مع أن الحديث يحتمل غير الضرورة في الشهادات أو غيرها ، مع أنه يقول لا تثبت فروض الصلاة إلا بطريق معلوم فقد نقض أصله ، قال صاحب الطراز : وقد غير
أبو سعيد هذه المسألة باشتراط ضيق المسجد وليس شرطا ، قال : فلو
قام مقام الإمام عند البيت وخلفه الرجال وصف النساء من الجهة الأخرى ، قال
أشهب : لا بأس به ، قال : والأحسن أن يكن خلف الرجال .
سؤال :
شرف الصف الأول معلل بسماع القراءة وإرشاد الإمام وتوقع الاستخلاف ، ومقتضى ذلك أن يكون ما يلي الإمام من الثاني والثالث أفضل من آخر الأول إذا طال .
جوابه : أن ذلك معارض بكون الواقف في الصف الأول متصفا بكونه من السابقين ، ولذلك حكى
أبو عمر في التمهيد الخلاف بين العلماء
هل الصف الأول الذي يلي الإمام أو السابق حيث كان ؟ .