النظر الرابع ، في الواجب عليه : ويتضح برسم : فروع ستة : الأول ، في ( الكتاب ) :
من اكترى أرض خراج أو غيرها ، فعليه الزكاة . وقاله ( ش ) . وقال ( ح ) : الخراج يسقط زكاة الزرع .
ثم يحتاج لبيان الخراج ، وهو نوعان ، الأول : وضعه
عمر - رضي الله عنه - على أرض
العراق لما فتحها عنوة ، وقسمها بين المسلمين ، ثم رأى أن ينزلوا عنها ليلا يشتغلوا عنها بالجهاد ، فتخرب ، أو بها عن الجهاد ، فنزل عنها بعضهم بعوض ، وبعضهم بغير عوض ، وضرب الخراج عليها . قال
سند : هو أجرة عند
مالك و ( ش ) وأوقفها على المسلمين ، وكذلك منع
مالك الشفعة فيها ، وقيل : بل باعها
[ ص: 87 ] من أهل الذمة بثمن مقسط يؤخذ في كل سنة ، وهو الخراج ، وجازت الجهالة فيها لكونها مع كافر ، وللضرورة . والنوع الثاني : أن يصالح بعض الكفار على أرضهم بخراج فيكون كالجزية ، فإذا أسلموا سقط خلافا لـ ( ح ) بخلاف الأول ، احتج بقوله عليه السلام : (
لا يجتمع العشر والخراج في أرض مسلم ) ولأن سببها واحد فلا يجتمعان كزكاة السوم والتجارة ، والجواب عن الأول : منع الصحة ، سلمناها ، لكنه محمول على من أسلم من أهل الصلح ، فإنهما لا يجتمعان لسقوط الخراج ، وعن الثاني : الفرق بين المستحق لزكاة السوم والتجارة واحد ، وهو مصرف الزكاة ، فسقط الأدنى الذي هو زكاة التجارة ، لكونها متعلقة بالقيم فالأعلى الذي هو زكاة السوم لتعلقها بالعين كاجتماع سببين للميراث يرث بأقواهما ، وهاهنا حقان لمستحقين ، فلا يسقط أحدهما بالآخر .
الثاني : قال
سند : ولو
باع مسلم أرضا لا خراج عليها من ذمي فلا خراج على الذمي ولا عشر عند
مالك و ( ش ) . وقال ( ح ) : عليه الخراج ، ليلا تخلو الأرض عن العشر والخراج ، وقال
أبو يوسف : عليه عشران ، ومنع
محمد بن الحسن صحة البيع لإفضائه إلى الخلو . لنا أن البيع سبب الخراج في غير صورة النزاع ، فلا يكون سببها فيها بالقياس . ويبطل قولهم ببيع الماشية من الذمي .
الثالث :
من اكترى أرضا غير خراجية : قال ( ح ) : الزكاة على صاحب
[ ص: 88 ] الأرض دون الزراع ; لأن الأجرة منفعة للأرض قائمة مقام الزرع . وجوابه : أن الزكاة متعلقة بعين الزرع لاختلافها باختلافه بالكثرة والقلة والجنس ; لأنه قد رتب الشرع في الكراء زكاة النقدين ; لأنه كراؤها غالبا ، فلا تزكى مرتين ، وقد يستغرق العشر الأجرة ويزيد عليها ، وهو منكر في الشرع .
الرابع : في ( الكتاب ) : إذا
باع الزرع أخضر ، واشترط المبتاع زكاته على البائع فهي على المبتاع لحدوث سبب الوجوب عنده ، فإن وجبت على البائع فاشترطها على المبتاع جاز ، والفرق : أنه يرجع إلى جزء معلوم فيكون المبيع ما سواه ، واشتراط المبتاع في الأخضر يلزم منه بيع زرع بطعام مجهول ; لأن العشر يكثر ويقل . وكذلك القول في الثمن .
الخامس : في ( الكتاب ) : من منح أرضه صبيا أو ذميا أو عبدا أو أكراها فلا زكاة إلا على الصبي لقيام المانع فيما عداه خلافا ل ( ح ) في العبد والذمي .
السادس : في ( الكتاب ) :
إذا أوصى بزكاة زرعه الأخضر أو تمره قبل إزهائه فهو وصية من الثلث غير مبدأة ; لأنها لم تلزم ، ولا تسقط الزكاة عن الورثة ; لتجدد سبب الوجوب في حقهم . ويعد مستثنى لعشر زرعه ، فإن كان الموصى به نصابا زكاه المتصدق ، وإن لم يكن لكل مسكين إلا مد ; لأنهم
كمالك واحد لعدم تعيينهم ، ولا يرجع المساكين على الورثة بما أخذ منهم ، كما لو أوصى بشيء بعينه ، ويستحق بعضه ، وكذلك لو أوصى بجملة الزرع ، فإن أوصى به لمعين كان كأحد الورثة ، وعليه النفقة معهم . لثبوت ملكه بالوفاة ، والمساكين لا يملكون إلا بالقبض بالنفقة في مال الوصي . قال
سند : قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : ويفارق الوصية بالعشر الوصية بأوسق مستثناة للمساكين ، أو لمعين ، أن زكاتها من بقية الثمر . فإن الوصية حينئذ لما بعد الاستحقاق . وقال
مالك في العرية نحو مشاع أو معين زكاة على رب الحائط وإن
[ ص: 89 ] كان لمعين ، وكذلك الصدقة بتمر حائطه على المساكين والسقي في جميع ذلك والمؤنة على رب الحائط ، بخلاف الهبة والعمرى . قال
ابن القاسم : أكابر أصحابنا : العارية مثل الوصية . وقال
أشهب : الزكاة في العرية والهبة على المعطى له إلا أن تعرى بعد بدو الصلاح ، وقال
المغيرة :
إن كانت العرية نخلا معينا مقبوضا فزكاتها على حائزها إن كانت نصابا ، قال
سند : وجملة ذلك : أن العرية إن كانت على غير معين فزكاتها على رب الحائط ، وكذلك الصدقة ; لأنها على ملكه كملت ، وإن كانت لمعين وهي مكيلة معلومة فعلى رب الحائط ، وكذلك الصدقة ; لأن المعطى له إنما يملك بالقبض ، وإن كانت العرية معين لمعين فعلى المعري عند
مالك بخلاف الهبة ; لأن العرية عنده إباحة كطعام الضيف لا يملك ، إنما بالتناول ، ولا يورث عنه إلا ما أخذه منها إلا أن يقصد التمليك بلفظ العرية فيكون هبة ، وألحق
أشهب العرية بالهبة بجامع التبرع .
تنبيه : تقدم في الأموال الموقوفة أنه إذا وقف الماشية لتفرق في سبيل الله تعالى والدنانير لا زكاة فيما أتى عليه الحول من ذلك . وهاهنا قال : إذا أوصى بتمر حائطه أو بزرعه زكى ، مع أن الجميع أوصى به لغير معين ، والكل زكوي ، والفرق : أن الثمار والزرع تنشأ على ملكه ; لأن رقاب النخل له ، وكذلك الأرض ، وما نشأ على ملكه فهو ملكه فيزكيه على ملكه ، فهو ملكه ، فيزكيه على ملكه ; لأن أصله عنده وفي ملكه ، والماشية والدنانير لم يبق لها أصل عنده فهو مملوك له حتى يقال : بقيت على ملكه ، بل لما أعرض عن أعيانها لم يبق له فيها ملك ، وغير المعين لا يملك إلا بالقبض ، فلم يبق ملك يزكى عليه ، والسر : أنها ليس لها أصل عنده ، بخلاف الزرع والتمر .