النوع الثاني : إتيان المساجد ، ففي ( الكتاب ) :
القائل : علي إتيان المدينة أو بيت المقدس أو المشي إليهما ، فلا يأتيهما حتى ينوي الصلاة في مسجديهما أو ينوي فيهما ، أو يسميهما لتعيين القربة أو ما يلازمها ، وإن لم ينو الصلاة فيهما أتاهما راكبا ولا هدي عليه ، ولو نذر الصلاة في غيرهما من المساجد صلى بموضعه ، وقاله ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل . قال
اللخمي : قال
ابن وهب : عليه أن يأتي مسجد المقدس
والمدينة ماشيا ، وقال
محمد : إن قرب مشى ، وقال
القاضي إسماعيل :
ناذر الصلاة في المسجد الحرام لا يلزمه المشي . قال : والمشي في ذلك كله أحسن ; لأن المشي في القرب قربة ، ومقتضى أصل
مالك : يأتي المكي
المدينة لأنها أفضل ، فإتيانها من
مكة قربة بخلاف الإتيان من
المدينة إليها ، وقدم ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل المسجد الحرام [ ص: 85 ] عليها ، فإن قال : علي المشي ، ولم يذكر مسجدا ، فلا شيء عليه عند
ابن القاسم ، وعند
أشهب عليه المشي إلى
مكة . قال
ابن يونس : يمشي إلى غير الثلاثة إن كان قريبا كالأميال الثلاثة اليسيرة ماشيا ، ويصلي فيه . قال
ابن حبيب : إن كان بموضعه مسجد جمعة لزمه المشي إليه ، وقاله
مالك وبه أفتى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في
مسجد قباء ، وهو من
المدينة على ثلاثة أميال ، وفي ( الجواهر ) : الناذر المكي أو المدني الصلاة في
بيت المقدس يصلي في مسجد موضعه ; لأنه أفضل ، والمقدسي يمشي إليهما ، والمدني إلى
مكة ، والمكي إلى
المدينة للخروج من الخلاف ، وأصل هذا الباب قوله - عليه السلام - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349200لا تعمل المطي إلا لثلاثة مساجد ) فذكر مسجده - عليه السلام -
ومسجد إيليا والمسجد الحرام ، فاقتضى ذلك عدم لزوم المشي إلى غيرها ، فإن كل ما وجب المشي إليه وجب إعمال الركاب إليه ، وإلا فلا .
قاعدة : النذر عندنا لا يؤثر إلا في مندوب ، فما لا رجحان في فعله في نظر الشرع لا يؤثر فيه ، وسائر المساجد مستوية من جهة أنها بيوت التقرب إلى الله تعالى بالصلاة ، فلا يجب الإتيان إلى شيء منها لعدم الرجحان ، ويختلج في نفس الفقيه أن المساجد أفضل من غيرها إجماعا ، وبعضها أفضل من بعض باعتبار كثرة طاعة الله فيها إما لقدم هجرته أو لكثرة جماعته ، أو لغير ذلك من أسباب التفضيل ، ومقتضى ذلك وجوب الصلاة فيها بالنذر لأجل الرجحان في نظر الشرع ، ويندفع هذا الإشكال بأن القاعدة الشرعية : أن الفعل قد يكون راجحا في نفسه ولا يكون ضمه لغيره أو ضم غيره له راجحا ، وقد يكون ، فمن الأول : الصلاة والحج راجحان ، وليس ضمهما راجحا في نظر الشرع ، وكذلك الصوم والزكاة ، بل قد يكون الفعلان راجحين وضمهما مرجوحا كالصوم ووقوف عرفة ، والتنفل وصلاة العيد في المصلى ، والركوع وقراءة القرآن ، والدعاء وبعض أجزاء الصلاة ، ومما
[ ص: 86 ] رجح منفردا ومضموما الصوم والاعتكاف والتسبيح والركوع ، ونحو ذلك ، فاعتقاد رجحان المساجد على غيرها أو رجحان بعضها على بعض لا يوجب اعتقاد رجحان ضم الصلاة إليها ; لأن اعتقاد الرجحان الشرعي يتوقف على مدرك شرعي بتوقيف على مدرك شرعي ، ولم يرد ، بل ورد الحديث المتقدم بعد ذلك .