[ ص: 95 ] الباب الثامن
في
الاستثناء
وفيه ثلاثة فصول :
الفصل الأول : في حده ، وهو عبارة عن إخراج بعض ما دل اللفظ عليه ذاتا كان ، أو عددا ، أو ما لم يدل عليه ، وهو إما محل المدلول ، أو أمر عام ، بلفظ إلا أو ما يقوم مقامها ، فالذات نحو رأيت زيدا إلا يده ، والعدد إما متناه نحو قوله عندي عشرة إلا اثنين ، أو غير متناه نحو اقتلوا المشركين إلا أهل الذمة ، ومحل المدلول نحو أعتق رقبة إلا الكفار ، وصل إلا عند الزوال إذا قلنا بأن الأمر ليس للتكرار ، فإن الرقبة أمر مشترك عام تقبل أن تعين في محال كثيرة من الأشخاص ، فإن كل شخص هو محل لأعمه ، وكذلك الفعل حقيقة كلية تقبل أن تقع في أي زمان كان ، فالأزمنة محال الأفعال ، والأشخاص محال الحقائق ، والأمر العام نحو قوله سبحانه :
لتأتنني به إلا أن يحاط بكم . أي : لتأتنني به في كل حالة من الحالات إلا في حالة الإحاطة بكم ، فالحالة أمر عام لم يدل عليها اللفظ ، وكذلك محال المدلول ليست مدلولة اللفظ ، فإن فرعت على أن الاستثناء المنقطع مجاز ، فقد كمل الحد ، فإنا إنما نحد الحقيقة ، وإن قلت هو حقيقة ردت بعد قولك ، أو أمر عام ، أو ما يعرض في نفس المتكلم ، وتكون أو للتنويع ، كأنك قلت أي شيء وقع على وجه من هذه الوجوه فهو استثناء .