الفصل الثالث : في أحكامه اختار
الإمام فخر الدين أن
المنقطع مجاز ، وفيه خلاف ، ووافقه
nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب ، وذكر أن قول القائل له عندي مائة دينار إلا ثوبا من هذا الباب ، وأنه جائز على المجاز ، وأنه يرجع إلى المعنى بطريق القيمة خلافا لمن قال إنه مقدر بلكن ، ولمن قال إنه كالمتصل . ويجب
اتصال الاستثناء بالمستثنى منه عادة خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس رضي الله عنه . قال
الإمام فخر الدين إن صح النقل عنه يحمل على ما إذا نوى عند التلفظ ، ثم أظهره بعد ذلك ، واختار
[ ص: 97 ] nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب جواز
استثناء الأكثر ، ووافقه
الإمام فخر الدين ، واختار
القاضي أبو بكر أنه يجب أن يكون أقل ، وقيل قد يجوز المساوي دون الأكثر لقوله تعالى : (
إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك ) . ومعلوم أنه أكثر ،
والاستثناء من الإثبات نفي اتفاقا ، ومن النفي إثبات خلافا
لأبي حنيفة - رحمه الله - ومن أصحابه المتأخرين من يحكي التسوية بينهما في عدم إثبات نقيض المحكوم به بعد إلا . لنا : أنه المتبادر عرفا ، فيكون لغة لأن الأصل عدم النقل والتغيير .
واعلم أن الكل اتفقوا على
إثبات نقيض ما قبل الاستثناء لما بعده ، ولكنهم اختلفوا ، فنحن نثبت نقيض المحكوم به ، والحنفية يثبتون نقيض الحكم ، فيصير ما بعد الاستثناء غير محكوم عليه بنفي ولا إثبات ،
وإذا تعقب الاستثناء الجمل يرجع إلى جملتها عند
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي رحمهما الله ، وعند أصحابهما ، وإلى الأخيرة عند
أبي حنيفة ، ومشترك بين الأمرين عند
nindex.php?page=showalam&ids=15194الشريف المرتضى ، ومنهم من فصل ، فقال : إن تنوعت الجملتان بأن تكون إحداهما خبرا ، والأخرى أمرا عاد إلى الأخيرة فقط ، وإن لم تتنوع الجملتان ، ولا كان حكم إحداهما في الأخرى ، ولا أضمر اسم إحداهما في الأخرى ، فكذلك أيضا ، وإلا عاد إلى الكل ، واختاره
الإمام فخر الدين ، وتوقف
القاضي أبو بكر منا في الجميع ،
وإذا عطف استثناء على استثناء ، فإن كان الثاني بحرف عطف ، أو هو أكثر من الاستثناء الأول ، أو مساويا له عاد إلى أصل الكلام لاستحالة العطف في الاستثناء وإخراج الأكثر أو المساوي ، وإلا عاد إلى الاستثناء الأول ترجيحا للقرب ، ونفيا للغو الكلام .
[ ص: 98 ] فائدتان
الأولى :
قد يكون الاستثناء عبارة عما لولاه لعلم دخوله ، أو ما لولاه لظن دخوله ، أو ما لولاه لجاز دخوله ، أو ما لولاه لقطع بعدم دخوله ، فهذه أربعة أقسام : فالأول الاستثناء من النصوص نحو له عندي عشرة إلا اثنين ، والثاني الاستثناء من الظواهر نحو اقتلوا المشركين إلا زيدا ، والثالث الاستثناء من المحال والأزمان والأحوال نحو أكرم رجلا إلا زيدا ، أو عمرا ، وصل إلا عند الزوال لتأتنني به إلا أن يحاط بكم ، والرابع الاستثناء المنقطع نحو رأيت القوم إلا حمارا .
الثانية : أن إطلاق العلماء أن الاستثناء من النفي إثبات يجب أن يكون مخصصا ، فإن الاستثناء يرد على الإثبات والشروط والموانع والأحكام والأمور العامة التي لم ينطق بها ، فالأول نحو لا عقوبة إلا بجناية ، والثاني نحو لا صلاة إلا بطهارة ، والثالث نحو لا تسقط الصلاة عن امرأة إلا بالحيض ، والرابع نحو قام القوم إلا زيدا ، والخامس نحو قوله تعالى : (
لتأتنني به إلا أن يحاط بكم ) . ولما كانت الشروط لا يلزم من وجودها الوجود ولا العدم - لم يلزم من الحكم بالنفي قبل الاستثناء لعدم الشرط الحكم بالوجود بعد الاستثناء لأجل وجوده ، فيكون مطردا فيما عدا الشرط .