المانع التاسع : الرق على أحد الشخصين للآخر ، وهو يمنع في جميع
[ ص: 341 ] الحالات ، وقاله الأئمة فلا يجوز للرجل نكاح أمته ، ولا للمرأة نكاح عبدها ، ومتى
ملك أحد الزوجين صاحبه انفسخ النكاح .
قاعدة : كل تصرف لا يترتب عليه مقصوده لا يشرع ، فلذلك لا يحد المجنون بسبب في الصحة ، ولا السكران ; لأن مقصود الحد الزجر بما يشاهده المكلف من المؤلمات والمذلات في نفسه ، وذلك إنما يحصل بمرآة العقل ، وكذلك لا يشرع
اللعان في المجنون ، ومن لا يولد له ; لأنه لا يلحق به الولد ، وكذلك لا يشرع عقد
البيع مع الجهالة والغرر ; لأن مقصوده تنمية المال وتحصيل مقاصد العوضين ، وذلك غير معلوم حينئذ ، ونظائرها كثيرة فلهذه القاعدة لا يشرع نكاح الرجل أمته ; لأن مقاصد النكاح حاصلة قبل العقد بالملك ، فلم يحصل العقد شيئا فلا يشرع .
قاعدة : مقصود الزوجية : التراكن والود والإحسان من الطرفين لقوله تعالى : (
ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) ( الروم : 21 ) ، ومقصود الرق : الامتهان والاستخدام والقهر بسبب سابقة الكفر أو مقارنته زجرا عنه ، وهذه المقاصد مضادة لمقاصد الزوجية فلا يجتمعان .
قاعدة : من مقتضى الزوجية قيام الرجل على المرأة بالحفظ والصون والتأديب لإصلاح الأخلاق لقوله تعالى : (
الرجال قوامون على النساء ) ( النساء : 34 ) ، والاسترقاق يقتضي قهر السادات ، والقيام على الرقيق بالإصلاح والاستيلاء والاستهانة ، فيتعذر أن تكون المرأة زوجة وسيدة لتنافي البابين .
قاعدة : كل أمرين لا يجتمعان يقدم الشرع والعرف والعقل أقواهما ، والرق أقوى من النكاح لكونه يوجب التمكن من جملة المنافع
[ ص: 342 ] والرقبة ، وبعض المنافع إباحة الوطء الذي لا يقتضي النكاح غيره ، فيكون الملك أقوى فيقدم إذا تقرر ذلك فلا يتزوج الرجل أمته للقاعدة الأولى ، ولا المرأة عبدها للقاعدة الثانية والثالثة ، ومتى دخلت الزوجية على الرق ، والرق على الزوجية كمشتري امرأته لا يثبت إلا الرق في سائر الأحوال للقاعدة الرابعة .
تفريع
في الكتاب : إذا
اشترت المرأة زوجها بعد البناء فسخ النكاح واتبعته بالمهر ، كمن داين عبدا ثم اشتراه ، أو قبل البناء فلا مهر إلا إن سرى هي وسيده فسخ النكاح ، أي : يقصدان فلا يجوز ، وتبقى زوجة ; لأن العصمة بيد العبد فلا تخرج من يده بالضرر ، قال
اللخمي : إذا
اشترته مكاتبا أو اشتراها مكاتبة ، قيل : يفسخ النكاح لملك الرقبة ، وقيل : لا يفسخ ; لأن العقد الآن إنما وقع على الكتابة ، فإن حصل العجز فحينئذ يفسخ ، وفي الجواهر : إذا وهبها انفسخ نكاحه ، وفي الكتاب : لا يجوز ولا ينفسخ ; لأنه عرض فاسد ، وقال
أصبغ : يكره ويجوز ، وقال
عبد الملك : إن كان مثله يملك مثلها جاز ، ويفسخ النكاح وإلا بطلت الهبة ولا يفسخ ، قال
ابن محرز : هذا يدل من ملك على إجبار السيد عبده على قبول الهبة ; إذ لولا ذلك لم يكن لمقصد السيد تأثير ; لأن للعبد عدم القبول ، قال
اللخمي : قال
محمد : إذا
اشترى أحدهما صاحبه بالخيار لا ينفسخ النكاح إلا بقبول من له الخيار لعدم تحقق المعارض أو بالعهدة انفسخ حينئذ لتحقق نقل الملك ، ولذلك شرط الاستبراء ، وإن كان الماء ماء ، ( قال : والقياس في المسألتين عدم الفسخ الآن ، وفي الكتاب : لا يتزوج الرجل
[ ص: 343 ] مكاتبته ، ولا أمته ، ولا المرأة ) عبدها ، ولا مكاتبها ، ولا يتزوج أمة ولده ; لأنه لو زنا بها لم يحد كأمته ، وفي الجواهر : إن فعل سقط الحد ، وتحرم على الابن بالمصاهرة ، ويلحق النسب ، وينعقد الولد على الحرية ، وتصير أم ولده ، وينقل الملك إليه بمجرد الوطء ، وتثبت قيمة الولد من غير خياره ، وقال
عبد الملك : له التمسك في عسر الأب ويسره ، ما لم تحمل إذا كان الابن مأمونا على غيبته عليها ، فإن كانت موطوءة للابن ملكها الأب بالاستيلاد ، وحرم عليه وطؤها بوطء الابن فتعتق عليه لتحريم الوطء .
وفي الكتاب :
نكاح الحرة على الأمة ، وللحرة الخيار إن لم تكن علمت ، فإن كانتا اثنتين فعلمت إحداهما دون الأخرى فلها الخيار بعد علمها بالأخرى ، وأما إذا
تزوج العبد الحرة على الأمة أو بالعكس فلا خيار ; لأن الأمة من نسائه ، ولأنها رضيت بمقارنة العبد مع وصف الاستيلاد ، قال
اللخمي : وقال
عبد الملك : لها الخيار لمزيد الضرر .
فرع
قال : إذا اشترى أمة من أبيه لم تكن له أم ولد يحملها ولا ولدها ولا قبل الشراء المعتقة على هذه بخلاف أمة الأجنبي ، وقال غيره : لا يجوز شراؤه لها لعتق حملها على الحد .
فرع
قال : الأحسن أن لا يطأ أمة عبده ، ولا يزوجها منه إلا بعد الانتزاع ، فإن فعل صح ; لأن التزويج انتزاع ، ولا يصح زواج أحد لأمته إلا في هذه الصورة .
[ ص: 344 ] فرع
قال
اللخمي : قال
محمد : إذا أخدم السيد عبده لامرأة العبد ، والأمة لزوجها : إن كان مرجع العبد للحرية انفسخ النكاح إن قبل المخدم للخدمة ، أو إلى سيده أو غيره بالملك لم ينفسخ لتعذر ملك غيره المرأة عليه .