الفصل الثاني : في
حكمه .
وهو عند الكافة حجة خلافا
للنظام ،
والشيعة ،
والخوارج لقوله تعالى : (
ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ) الآية . وثبوت الوعيد على المخالفة يدل على وجوب المتابعة .
وقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348195لا تجتمع أمتي على خطأ . يدل على ذلك .
وعلى منع القول الثالث ، وعدم الفصل فيما جمعوه ، فإن جميع ما خالفهم يكون خطأ لتعيين الحق في جهتهم .
وإذا اختلف أهل العصر الأول على قولين ، فلا يجوز لمن بعدهم إحداث
[ ص: 115 ] قول ثالث عند الأكثرين ، وجوزه أهل الظاهر ، وفصل
الإمام فخر الدين ، فقال : إن لزم منه خلاف ما أجمعوا عليه امتنع ، وإلا فلا كما قيل للجد كل المال ، وقيل يقاسم الأخ ، فالقول بجعل المال كله للأخ مناقض للأول .
وإذا أجمعت الأمة على عدم الفصل بين مسألتين لا يجوز لمن بعدهم الفصل بينهما .
ويجوز حصول الاتفاق بعد الاختلاف في العصر الواحد خلافا
للصيرفي ، وفي العصر الثاني لنا وللشافعية والحنفية فيه قولان مبنيان على أن إجماعهم على الخلاف يقتضي أنه الحق ، فيمتنع الاتفاق ، أو هو مشروط بعدم الاتفاق ، وهو الصحيح .
وانقراض العصر ليس شرطا خلافا لقوم من الفقهاء والمتكلمين لتجدد الولادة في كل يوم ، فيتعذر الإجماع .
وإذا حكم بعض الأمة ، وسكت الباقون ، فعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والإمام فخر الدين أنه ليس بحجة ، ولا إجماع ، وعند
الجبائي إجماع وحجة بعد انقراض العصر ، وعند
أبي هاشم ليس بإجماع ، وهو حجة ، وعند
أبي علي بن أبي هبيرة إن كان القائل حاكما لم يكن إجماعا ، ولا حجة ، وإن كان غيره ، فهو إجماع ، وحجة .
فإن قال بعض الصحابة قولا ، ولم يعرف له مخالف قال
الإمام فخر الدين : إن كان مما تعم به البلوى ، ولم ينتشر ذلك القول فيهم ، فيحتمل أن يكون فيهم مخالف لم يظهر ، فيجري مجرى قول البعض ، وسكوت البعض . وإن كان مما لا تعم به البلوى ، فليس بإجماع ، ولا حجة ، وإذا جوزنا الإجماع السكوتي ، فكثير ممن لم يعتبر انقراض العصر في القولي اعتبره في السكوتي .
والإجماع المروي بالآحاد حجة ، خلافا لأكثر الناس لأن هذه الإجماعات
[ ص: 116 ] وإن لم تفد القطع ، فهي تفيد الظن ، والظن معتبر في الأحكام كالقياس ، وخبر الواحد . غير أنا لا نكفر مخالفها قاله الإمام . قال : وإذا استدل أهل العصر الأول بدليل ، وذكروا تأويلا ، واستدل العصر الثاني بدليل آخر ، وذكروا تأويلا آخر ، فلا يجوز إبطال التأويل القديم ، وأما الجديد ، فإن لزم منه إبطال القديم بطل ، وإلا فلا .
وإجماع أهل المدينة عند
مالك رحمه الله ، فيما طريقه التوقيف حجة خلافا للجميع .
ومن الناس من اعتبر
إجماع أهل الكوفة .
وإجماع العترة عند
الإمامية .
وإجماع الخلفاء الأربعة حجة عند
أبي حازم ، ولم يعتد بخلاف
زيد في توريث ذوي الأرحام .
قال
الإمام فخر الدين :
وإجماع الصحابة مع مخالفة من أدركهم من التابعين ليس بحجة خلافا لقوم .
قال : ومخالفة من خالفنا في الأصول إن كفرناهم لم نعتبرهم ، ولا يثبت تكفيرهم بإجماعنا لأنه فرع تكفيرهم ، وإن لم نكفرهم اعتبرناهم .
ويعتبر عند أصحاب
مالك - رحمه الله - مخالفة الواحد في إبطال الإجماع خلافا لقوم .
وهو مقدم على الكتاب ، والسنة ، والقياس .
واختلف في تكفير مخالفه بناء على أنه قطعي ، وهو الصحيح ، ولذلك قدم على الكتاب والسنة ، وقيل ظني .