تنبيه غريب : إذا
استأجره على حفر بئر عشرة في عشرة ، فحفر خمسة في خمسة ، استحق ثمن الأجرة ، ويظهر في بادئ الرأي لمن لا يحسن الفقه والحساب أنه يستحق نصف الأجرة ; لأن الخمسة نصف العشرة ، ولو استأجره على عمل صندوق عشرة في عشرة فعمل خمسة في خمسة استحق ربع الأجرة ، وفقه المسألتين : أن البئر كل ما نزل فيه ذراعا فقد شال من التراب بساطا مساحته عشرة في عشرة ، وذلك مائة ، فكل ذراع ينزله في البئر حينئذ مائة ، والأذرع عشرة ، وعشرة في مائة بألف ذراع ، فالمستأجر عليه ألف ذراع ، فلما حفر خمسة شال في الذراع الأول بساط تراب خمسة في خمسة ، وذلك خمسة وعشرون ; فكل ذراع من هذا المعمول خمسة وعشرون ، والأذرع المعمولة خمسة ، وخمسة في خمسة وعشرين بمائة وخمسة وعشرين ; فيكون
[ ص: 502 ] مجموع المعمول ذلك ، ونسبته إلى ألف نسبة الثمن ، فيستحق ثمن الأجرة ، وأما الصندوق : فليس ينقر وإلا استوت المسألتان ، بل الألواح يلفقها ، فهو استأجره على ستة ألواح كل منها عشرة ، وذلك دائره أربعة وقعره وغطاؤه اثنان ، فكل لوح عشرة في عشرة مائة ، فالألواح ستمائة ، عمل ستة ألواح ، كل لوح خمسة في خمسة ، خمسة وعشرين ، فجميعها مائة وخمسون ، ربع الستمائة ، فاستحق الربع من الأجرة ، وهاتان المسألتان من أنواع ما يلقى في المطارحات على الفقهاء ، وكم يخفى على الفقهاء والحكام الحق في كثير من المسائل بسبب الجهل بالحساب والطب والهندسة ; فينبغي لذوي الهمم العلية أن لا يتركوا الاطلاع على العلوم ما أمكنهم ذلك .
فلم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام
.