الركن الرابع :
الجعل ، وفي الجواهر
شرطه أن يكون معلوما مقدورا كالأجرة ويمتنع بنصف الآبق للغرر ، وله أجر مثله - وقاله الأئمة ؛ قال
ابن يونس قال
مالك : يمتنع ،
بعه ولك من كل درهم كذا إذا لم يسم ثمنا ، فإن قال : إن بعته بعشرة فلك من كل درهم سدسه جاز ، فإن باعه بأكثر ، فليس له إلا
[ ص: 14 ] سدس العشرة ، كأنه قال بعه بعشرة ولك سدسها ، ولو قال فما زاد فبحسابه ، فسد للجهالة ، ويمتنع بيعه بأقل من عشرة ; لأنه الشرط ، وإذا قال لك : من كل درهم سدس فباع فله جعل مثله ، لبطلان العقد ، ولو قال لك الجعل بعته أم لا ، قال
ابن حبيب يمتنع ; لأنها إجارة فاسدة وله أجرة مثله ، قال
محمد : كل جعل فاسد ففيه إجارة المثل .
قاعدة : العقود المستثنيات من أصول إذا فسدت هل ترد إلى صحيح نفسها فيما يستحق ; لأنه الأصل ، أو صحيح أصلها ; لأن الشرع استثنى الصحيح من ذلك الأصل إذا كان شرعيا ، والفاسد لم يستثن فيرد إلى الأصل الأول المستثنى منه ، وهذا كفاسد المساقاة والقراض ، والجعالة فيها قولان ، قال
ابن يونس : يمنع إذا بعت فلك درهم ، وإلا فلك نصف درهم ، له أجرة مثله باع أم لا ، وقيل : إن باع فله أجر مثله . وإلا فلا شيء له لعدم العمل وفساد العقد .
فرع : قال
اللخمي : يجوز
السكوت على الجعل إذا كان معلوما عادة لتعيين النقد بالعادة .
فرع : في الكتاب يجوز على كل دابة يشتريها دينار ، وله رد المال متى شاء ولا يضمنه ; لأنه أمين .
[ ص: 15 ] فرع : في الكتاب
إن جئتني بالعبدين الآبقين فلك دينار يمنع ، فإن أتى بأحدهما فله أجرة المثل ، وقال
ابن نافع نصف دينار نظرا للرضى بالتسمية ، قال
اللخمي : وقال
أشهب : يقسم على قدر القيم يوم الإباق ; لأن الجعل إنما يدل على ما يعرف منه يوم الإباق ، والمشهور أبين ; لأنهما لم يدخلا على أن الجعل على العدد أو القيم ، ولو جعلاه على القيم لفض ، أو على العدد لقسم نصفين وهو أخف من جمع الرجلين سلعتهما ، وإن قالا يوم الوجود فسد اتفاقا ، للجهل بحالة الوجود حينئذ ، ولو سمى لكل عبد جعلا مختلفا على قدر قيمته والمجعول له يعرفه جاز ، وإلا فقولان
لمالك ورجع للمنع ; لأنه قد يقبض أحد العبدين ويكون المراد غيره ، فإن استوى الجعل واختلت القيم فله قولان أيضا ، قال
ابن يونس : قيل : إنما يجوز الجعل على الأعداد لا على القيم ، فعلى هذا تجوز المسألة ; لأن حصة من يأتي به معلومة ، والخلاف إنما يجري حيث أبهم اللفظ : لو قال : إن جئت بهما فلك دينار وإلا فلا شيء لك امتنع اتفاقا ، لئلا يبقى للجاعل ما ينتفع به ، وأجاز
مالك :
لك في كل ثوب تبيعه درهم ، ومنع في كل دينار درهم ، وأجاز في كل آبق يأتي به دينار إذا سمى عددهم . وقال
ابن يونس لا تشترط التسمية .
فرع : قال
اللخمي : يجوز الجعل مضمونا ويمتنع ضرب الأجل ; لأنه قد يحل قبل وجود الآبق ، فإن جعلا مبدأ الأجل بعد وجوده جاز ، فإن كان الجعل عينا
[ ص: 16 ] معينة امتنع ، وللجاعل الانتفاع بها ويغرم المثل إذا أتى بالعبد ، وإن كان مكيلا أو موزونا لا يخشى تغييره إلى وجود الآبق أو ثوبا جاز ويوقف ، وإن خشي تغييره كالحيوان امتنع للغرر .
فرع : في الكتاب يجوز
حصاد الزرع وجد النخل والزيتون بنصفه وليس له تركه ; لأنها إجارة وبيع نصفه إن قال : افعل ولك ذلك ، وإن قال : فما حصدت فلك نصفه فهو جعل ، وله الترك متى شاء ومنع غيره هذا التوهم لجهالة في المعمول والمأخوذ ، ويمتنع : فما حصدت اليوم فلك نصفه ، لامتناع بيع ذلك ، إلا أن يشترط الترك متى شاء ، بخلاف ضرب الأجل ، ويمتنع انفض الشجر بنصف ما ينتفض للجهالة ، ويجوز انفضه كله ولك نصفه ، لجواز بيع نصفه ، قال صاحب التنبيهات : استدل بعضهم بحصاد الزرع بنصفه على جواز بيعه محصودا ، وهي رواية
أشهب عن
مالك ، ورواية
ابن القاسم : المنع وليس كذلك ; لأنه وجب له بالعقد لا بالحصاد ; لأن الهالك منه قبل الحصاد وبعده من الأجير ، وهو باع منافعه بنصف الزرع ، فهو يحصد لنفسه وذلك النصف هو المبيع قائما لا محصودا ، قال صاحب النكت : قال
ابن القاسم : إذا حصده أو نفضه فاحترق فمنهما وعليه حصد مثل بقي عليه ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : عليه قيمة نصف الزرع دون حصاد مثل نصفه ; لأن الزرع يختلف ، ولو قال : فما حصدت فلك
[ ص: 17 ] نصفه ، وضمان ما حصد منه وما لم يحصد من ربه ، ولا يتبع أحدهما الآخر بشيء ; لأنها جعالة ، ولو قال : احصده وادرسه وصفه ولك نصفه ، فهلك بعد حصاده فضمانه كله من ربه ، وللأجير أجرة مثله لفساد الإجارة . قال
ابن يونس عن
مالك : منع
ما لقطت اليوم فلك نصفه - وإن اشترط الترك متى شاء . قال
اللخمي : يمتنع احصده وادرسه ولك نصف ما يخرج ; لأن الخارج مجهول بخلاف على النصف ; لأن النصف الآن على هيئته وهو شريك يحصد ويدرس لنفسه .
فرع : قال
ابن يونس : قال
عبد الملك : إذا حملت الدابة قبل عمل فيها ثم طلبت الجعل يمتنع ; لأنها صارت أمانة ، والأمانة لا يؤخذ عليها جعل .
فرع : في النوادر تجوز
المجاعلة على بناء طاحون وله نصفها ، وعلى
إصلاح القناة سنة ، وعلى
بناء الدار بصفة معلومة بسكناها سنة ; لأن ذلك متقارب عادة .