17299 - قال أبو عمر : معنى قوله : ثم يطوف بعد أن يرجع من منى وقد رمى جمرة العقبة فيطوف ، يريد طواف الإفاضة . فيغنيه عن طواف الدخول لا أنه . [ ص: 192 ] يعيد طواف الدخول بعد طواف الإفاضة .
17300 - هذا لمن خشي أن يفوته الوقوف بعرفة قبل الفجر من ليلة النحر إن اشتغل بالطواف للدخول ، وهو الطواف الموصول بالسعي ، فأما من لم يخف ذلك فلا يجوز في ترك ذلك الطواف الموصول بالسعي .
17301 - وقد اتفق العلماء على أن المراهق وهو الخائف لما ذكرنا يسقط عنه طواف الدخول كما يسقط عن المكي ولا يرون في ذلك دما ولا غيره ، فإذا طاف المكي أو المراهق بالبيت بعد رمي الجمرة وصل طوافه ذلك بالسعي بين الصفا والمروة .
17302 - وقد روى جماعة من السلف أنهم كانوا يوافون مكة مراهقين خائفين لفوت عرفة فلا يطوفون ولا يسعون ولا ينفضون إلى عرفة ، فإذا كان يوم النحر ورموا جمرة العقبة طافوا وسعوا ورملوا في طوافهم كما رملوا في طواف الدخول .
17304 - فقال مالك : إن قدم يوم التروية فلا يترك الطواف ، وإن قدم يوم عرفة إن شاء أخر الطواف إلى النحر ، وإن شاء طاف وسعى ، كل ذلك واسع . ذكره عنه ابن وهب في " موطئه " .
17305 - وذلك دليل على أن لا طواف عند مالك فرضا إلا طواف الإفاضة كسائر العلماء ، وأن ما في " المدونة " ، أن الطوافين واجبان كلام على غير ظاهره ، [ ص: 193 ] وأن معناه أن وجوب طواف الدخول وجوب سنة ، من تركه عامدا غير مراهق لم يرجع إليه من بلده وعليه دم ، ووجوب طواف الإفاضة وجوب فرض لا يجزئ منه دم ولا غيره ، ولا بد من الإتيان به يوم النحر من بعد رمي الجمرة أو قبلها للصدر والوداع ، وما لم يكن للإفاضة أجزاه ; لأنه طواف بالبيت معمول في وقته ينوب عن طواف الإفاضة عند جماعة الفقهاء .
17307 - وقال أهل المدينة من أصحاب مالك ، وهو قول سائر الفقهاء : لا يجزي طواف الدخول ولا ينوب عن طواف الإفاضة بحال من الأحوال ، وإنما يجزي عندهم طواف الإفاضة في طواف يعمله الحاج يوم النحر أو بعده في حجته ، وأما كل طواف يطوفه قبل يوم النحر فلا يجزئ عن طواف الإفاضة .
17358 - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق ، وأبي الفرج ، وجمهور أهل العلم .
[ ص: 194 ] 17310 - فأمر الله - عز وجل - بالطواف بالبيت بعد قضاء التفث ; وذلك طواف يوم النحر بعد الوقوف بعرفة .
17311 - وأما طواف الدخول فلم يأمر الله به ولا رسوله ، وإن كان قد فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند دخوله في حجه .
17312 - والدليل على أن طواف الدخول ليس بواجب إجماع العلماء على سقوطه عن المكي ، وعن المراهق الخائف فوت عرفة ، والله - عز وجل - قد افترض الحج على المكي وغيره إذا استطاعه ؟ فلو كان طواف الدخول فرضا لاستوى فيه المكي وغيره كما يستوون في طواف الإفاضة .
17313 - وقد قال بعض أهل العلم : طواف الدخول للحاج كركعتي الداخل في المسجد ، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما طافه في حجته وقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=953806خذوا عني مناسككم ، صار نسكا مسنونا . ومن ترك من نسكه شيئا غير الفرض جبره بالدم ، وقد أجمعوا أنه يجبر بالدم لمن طاف للإفاضة ولا يرجع إليه إذا أبعد عنه ، وليس هذا حكم طواف العلماء الذين هم حجة على من شذ عنهم .
17315 - قال أبو عمر : قد ذكرنا قول مالك فيمن قدم يوم عرفة أنه " إن شاء أخر الطواف إلى يوم النحر ، وإن شاء طاف وسعى ، ذلك واسع " ، وهذا من قوله بيان أن طواف الدخول ليس بواجب ، وهو الذي عليه الفقهاء وعامة العلماء .
[ ص: 195 ] 1736 - قال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد : إذا ترك الحاج الدخول فطاف طواف الزيارة رمل في ثلاثة أطواف منها وسعى بين الصفا والمروة .
17319 - وبه قال أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور .
17320 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق : طواف القادم سنته لمن دخل مكة كما طواف الوداع لمن أراد الخروج عنها من حل : مسافر ، وغيره .
17321 - قال : والطواف الواجب الذي لا يسقط بوجه من الوجوه هو الطواف الذي يكون بعد عرفة .
17322 - قال الله ، عز وجل : وليطوفوا بالبيت العتيق [ الحج : 29 ] ، فكان هذا هو الطواف المفترض في كتاب الله - عز وجل - وهو طواف الإفاضة .