17644 - مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر أنه قال : من أهدى بدنة ثم ضلت أو ماتت فإنها إن كانت نذرا أبدلها ، وإن كانت تطوعا فإن شاء أبدلها وإن شاء تركها .
17645 - مالك : أنه سمع أهل العلم يقولون : لا يأكل صاحب الهدي من الجزاء والنسك .
17646 - قال أبو عمر : أما الهدي التطوع إذا بلغ محله فلا خلاف بين العلماء [ ص: 282 ] في أنه يأكل منه صاحبه إن شاء كسائر الناس ; لأنه في حكم الضحايا ، وإنما اختلفوا فيمن أكل من الهدي الواجب أو أكل من الهدي التطوع قبل أن يبلغ محله .
17647 - فكان مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي يقولون : في الهدي التطوع يعطب قبل محله أن على صاحبه أن يخلي بينه وبين الناس يأكلونه ، ولا يأمر أحدا يأكل منه فقيرا ولا غنيا ، يتصدق ولا يطعم وحسبه والتخلية بينه وبين الناس .
17648 - وكذلك قال أبو حنيفة ، إلا أنه قال : يتصدق به أفضل من أن يتركه للسباع فتأكله .
17649 - وأما ما يطمئن الآكل من الهدي الذي لا يجب له أن يأكل منه قد اختلف فيه أيضا .
17650 - فكان مالك يقول : إن أكل منه أبدله كله .
17651 - وروى ابن وهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد في الذي يأكل من هدي ليس له أن يأكل منه ، قال : أرى أن يتصدق بقدر ما أكل طعاما يطعمه المساكين ولا أرى عليه غير بدله .
17652 - قال ابن وهب : خالفه مالك ; فقال : إن أكل منه شيئا ولو نصفه وآخره أبدله كله .
17653 - وبه يأخذ ابن وهب .
17654 - وكذلك قال ابن القاسم ، عن مالك : إن أكل منه فعليه بدله كله ، كان الذي أكل منه قليلا أو كثيرا .
[ ص: 283 ] 17655 - قال ابن القاسم : إن أكل من الهدي الذي نذر للمساكين ; فعليه أن يطعم قيمة ما أكل للمساكين ولا يكون عليه البدل .
17656 - وقال ابن حبيب : إن أكل مما لا يجب أن يأكل منه فعليه ثمن ما أكل طعاما يتصدق به .
17658 - وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس في الهدي يعطب قبل محله ; أن صاحبه إن أكل منه أو أمر غرم .
17659 - وعن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب وجماعة من التابعين مثل ذلك ، إلا أنهم ليس عندهم تفسير ما يغرم : ما أكل أو أتلف .
17660 - وقالت طائفة ، منهم : عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري : إن عليه البدل إن فعل شيئا ذلك .
17661 - ومن قال : عليه البدل ، أوجب عليه غرم الجميع .
17662 - وعلى هذين القولين اختلاف الفقهاء على ما قدمنا .
17663 - واختلفوا في الهدي الذي يؤكل منه .
17664 - فقال مالك : يؤكل من كل الهدي إلا جزاء الصيد ، ونذر المساكين ، وفدية الأذى ، وهدي التطوع الذي يعطب في الطريق قبل أن يبلغ محله .
[ ص: 284 ] 17665 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : يؤكل من هدي المتعة ، والإحصار ، والوصية ، والتطوع إذا بلغ محله لا يؤكل من غيرها .
17666 - وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد : لا يؤكل من الهدي إلا هدي المتعة وهدي التطوع - يعنون : إذا بلغ محله - وهدي القران ، وأما غير ذلك فلا يؤكل منه شيء .
17667 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يؤكل من الهدي كله إلا التطوع خاصة إذا بلغ محله ، وكل ما كان واجبا من الهدي فلحمه كله للمساكين وجلده ، وكذلك جله والنعلان اللتان عليه .
17668 - قال : وكذلك عندي هدي المتعة ; لأنه واجب فسبيله سبيل جزاء الصيد ، وهدي الإفساد ، وهدي القران ، فكل ما وجب عليه فلا يأكل منه شيئا .
17669 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور مثله .
17670 - ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، قال ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع ، عن ليث ، عن عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، ومجاهد ، أنهم كانوا يقولون : لا يؤكل من الفدية ، ولا من جزاء الصيد .
17671 - عبد الرزاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن عطاء ، قال : لا يأكل من جزاء الصيد ، ولا من نذر المساكين ، ومن الكفارات ، ويأكل مما سوى ذلك . فإن كان الهدي واجبا وعطب قبل محله فإن صاحبه يأكله إن شاء أو ما شاء منه ، ويطعم منه من شاء ما شاء ; لأن عليه بدله .
[ ص: 285 ] 17672 - وعلى هذا جمهور العلماء ، ومنهم من أجاز له بيع لحمه وأن يستعين به في البدل .
17673 - وكره ذلك : مالك ; لأنه بيع شيء أخرجه لله ، عز وجل .
17674 - ومن أجاز بيع لحمه على جواز أكله .
17675 - وقد كان عطاء يبيح البيع في ذلك ، ثم رجع عنه .
17676 - وروى nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن عبد الكريم ، عن عكرمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : إذا أهديت هديا واجبا ، فعطب ، فانحره . فإن شئت فكل ، وإن شئت فأهد ، وإن شئت فتقول به في هدي آخر .
17677 - وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ( أنه من أهدى بدنة ، ثم ضلت أو ماتت ، فإنها إن كانت نذرا أبدلها ، وإن كانت تطوعا فإن شاء أبدلها ، وإن شاء تركها ) .
17678 - قال أبو عمر : لا خلاف في هذا بين العلماء ، وأصلهم فيه : الصلاة النافلة ، لا تقضى لمن غلب عليها ما يفسدها ، والنذر والصلاة الفريضة ما غلبه عليها من الحدث وغيره لا يسقطها .
17679 - قال عبد الرزاق : عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن عطاء ، قال : أما النذر فإن كان للمساكين فكان بمنزلة جزاء الصيد ، وإن قال : علي بدنة أو هدي ولم يذكر فيه شيئا فهو هدي والمتعة سواء ليهد منهما لمن هو غني عنهما : من صديق ، أو ذي [ ص: 286 ] رحم ، وليأكل هو وأهله ، وليتصدق ، ولينتفع بجلودها ولا يبع .
17680 - قال : وهل للمتعة لهدي المحصر فيما يؤكل منه سواء .
17681 - واختلفوا في هدي التطوع إذا عطب وقد دخل الحرم .
17682 - فقال منهم قائلون : إذا دخل الحرم فقد بلغ محله ، والحرم ، كله ومكة ومنى سواء ; لأنه حرم كله .
17683 - وأجمعوا أن قوله ، عز وجل : ثم محلها إلى البيت العتيق [ الحج : 33 ] لم يرد به الذبح ولا النحر في البيت العتيق ; لأن البيت ليس بموضع للدماء ; لأن الله تعالى قد أمر بتطهيره ، وإنما أراد بذكره البيت العتيق : مكة ومنى .
17685 - فالحرم كله " مكة " و " منى " ; لأن ذلك كله حرم ، فإذا عطب الهدي التطوع في الحرم جاز لصاحبه أن يأكل منه .
17686 - وإذا كان هديا واجبا ، وبلغ الحرم ، وعطب فقد جزى عنه ; لأن العلة في سياقه الهدي إطعام مساكين الحرم .
17687 - وهذا كله قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وعطاء ، وكثير من العلماء .
17688 - وروى nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج nindex.php?page=showalam&ids=15681وحبيب المعلم ، وغيرهما ، عن عطاء ، قال : كل هدي بلغ الحرم ، فعطب ، فقد أجزى .
[ ص: 287 ] 17689 - وقد اتفق العلماء على أن قتل الصيد بمكة ومنى ، وسائر الحرم سواء في وجوب الجزاء .
17693 - واحتج له nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل بن إسحاق القاضي بإجماعهم على أن الطواف والسعي لا يكونان إلا بمكة ، وأن رمي الجمار لا يكون إلا بمنى . وكذلك النحر لا يكون إلا فيهما .