20029 - قال أبو عمر : هكذا قال يحيى عام خيبر ، وتابعه على ذلك : nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وابن القاسم ، nindex.php?page=showalam&ids=15020والقعنبي .
20030 - وقال جماعة من الرواة عن مالك : عام حنين .
20031 - وقال يحيى : إلا الأموال : الثياب ، والمتاع ، وتابعه قوم .
[ ص: 198 ] 20032 - وقال ابن القاسم : إلا الأموال والثياب والمتاع .
20033 - ففي هذا الحديث أن بعض العرب وهي " دوس " ، لا تسمي العين مالا ، وإنما تسمي الأموال : المتاع ، والثياب والعروض .
20034 - وعند غيرهم : المال الصامت من الذهب والورق . والمعروف من كلام العرب أن كل ما تمول وتملك ، فهو مال .
20035 - ألا ترى إلى قول أبي قتادة : " فابتعت " - يعني بسلب القتيل الذي قتله عام حنين - مخرفا فإنه لأول مال تأثلته .
20037 - وأجمعوا أن العين تؤخذ منها الصدقة ، ومن الحرث والماشية ، وأن الثياب ، المتاع لا تؤخذ منها الصدقة إلا في قول من رأى زكاة العروض للمدير التاجر نض له في عامه شيء من العين أو لم ينض .
20043 - وقبوله الهدية من المسلمين ، والكفار أشهر وأعرف عند العلماء من أن يحتاج إلى شاهد على ذلك هاهنا .
20044 - إلا أن ذلك لا يجوز لغير النبي - عليه السلام - إذا كان قبولها على جهة الاستبداد بها دون رعيته ؛ لأنه إنما أقبل ذلك إليه من أجل أنه أمير رعيته ، وليس النبي - عليه السلام - في ذلك كغيره ؛ لأنه مخصوص بما أفاء الله عليه من غير قتال من أموال الكفار مما جلوا عنه بالرعب من غير إيجاف بخيل ولا ركاب ، يكون له دون سائر الناس ، ومن بعده من الأئمة حكمه في ذلك خلاف حكمه لا يكون له خاصة دون سائر المسلمين بإجماع من العلماء ؛ لأنه فيء لمن [ ص: 200 ] سمى الله في آيات الفيء ؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=954327هدايا الأمراء غلول " .
20046 - وفي قوله في هذا الحديث : إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه ، دليل على أنه غلول حرام ، قال الله - عز وجل - : ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة [ آل عمران : 61 ] .
20048 : - ولم يذكر في شيء من طرق هذا الخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رد الغلام عليه .
20049 - وقد قبل - صلى الله عليه وسلم - هدية أكيدر دومة ؛ وهدية فروة بن نفاثة الجذامي وهدية المقوقس أمير مصر والإسكندرية وغيرهم ، وهم في ذلك الوقت كفار .
20050 - واختلف العلماء في معنى حديث عياض بن حمار المذكور :
[ ص: 202 ] 20052 - وقد ذكرت إسناده في " التمهيد " .
20053 - وقالوا : هذا نسخ لما تقدم من قوله هدايا الكفار .
20054 - وقال آخرون : ليس في هذين الخبرين نسخ من ذلك ، وإنما المعنى أنه كان لا يقبل هدية من يطمع بالظهور عليه وأخذ بلده ، أو دخوله في الإسلام ، لأن قبول هديته داعية إلى تركه على حاله ، وإقراره على دينه ، وترك لما أمر به من كماله ، وهو قد أمر أن يقاتل المشركين حتى يقولوا : لا إله إلا الله .
20055 - وقال آخرون : بل كان - صلى الله عليه وسلم - مخيرا في قبول هدية الكفار وترك قبولها ، لأنه كان من خلقه - عليه السلام - أن يثيب على الهدية بأحسن منها [ ص: 203 ] وأفضل ، فلذلك لم يقبل هدية كل مشرك ، وكان يجتهد في ذلك ، وكان الله يوفقه في كل ما يصنعه .
20057 - وقد قيل : أنه إنما ترك قبول هدية عياض وملاعب الأسنة ومثلهما ، ونهي عن زبد المشركين ، وهو رفدهم وعطاياهم وهديتهم لما في التهادي والرفد من إيجاب تليين القلوب ، ومن حاد الله وشانه ، قد حرمت على المسلمين موالاته ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك بخلاف غيره ؛ لأنه مأمون منه مالا يؤمن من أكثر الأمراء بعده .
20058 - حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان ، قراءة مني عليه أن nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ حدثهم ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح ، قال : حدثنا عبد الملك بن حبيب المصيصي ، وقرأت على عبد الوارث أيضا - رحمه الله ، عن قاسم ، عن عبيد الله بن عبد الواحد البزار أنه حدثه ، قال : حدثنا أبو صالح الفراء محبوب بن موسى ، قالا جميعا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11816أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري . قال : قلت nindex.php?page=showalam&ids=13760للأوزاعي : أرأيت لو أن أمير الروم أهدى للأمير هدية ، رأيت أن يقبلها ؟ .
قال : لا أرى بذلك بأسا .
قال : قلت : فما حالها إذا قبلها .
قال : قلت للمسلمين .
[ ص: 204 ] قلت : وما وجه ذلك ؟ .
قال : أليس إنما أهداها له لأنه والي عهد المسلمين ، فلا يكون أحق بها منهم ، ومما فيه بمثلها من بيت مال المسلمين .
قال الفزاري : قلت nindex.php?page=showalam&ids=13760للأوزاعي : فلو أن صاحب الباب أفدى له صاحب العدو هدية ، أو صاحب ملطية أيقبلها أحب إليك أم يردها ؟ .
قال : يردها أحب إلي ، وإن قبلها فهي بين المسلمين ويكافئه بمثلها من بيت المال .
قلت : فصاحب الصائفة إذا دخل ، فأهدى له صاحب الروم هدية .
قال يكون بين ذلك الجيش ، فما كان من طعام ، قسمه بينهم ، وما كان سوى ذلك جعله في غنائم المسلمين .
20059 - وقال الربيع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في كتاب الزكاة : إذا أهدى رجل إلى الوالي هدية ، فإن كان لشيء نال منه حقا أو باطلا ، فحرام على الوالي أخذه ؟ لأنه حرام عليه أن يستعجل على الحق جعلا ، وقد ألزمه الله القيام بالحق ، وحرام عليه أن يقوم بالباطل ، والجعل فيه حرام .
20060 - قال : وإن أهدى إليه من غير هذين الوجهين أحد من أهل ولايته ، فكانت تفضلا أو تشكرا لحسنى كانت منه في المعاملة ، فلا يقبلها ، فإن قبلها كانت في الصدقة ، ولا يسعه عندي غيره ، إلا أن يكافئه من ماله بقدر ما يسعه أن [ ص: 205 ] يتمولها به .
20061 - وقد ذكرنا في " التمهيد " من هذا المعنى ما هو أكثر من هذا ، والحمد لله .
20062 - وأما حديثه - صلى الله عليه وسلم - من قوله في هذا الباب : " أو شراك أو شراكان من نار " ، فهو شك من محدث .
20067 - وقد رخصت طائفة من أهل العلم في اليسير من ذلك في دار الحرب .
20068 - سئل nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري عن رجل عريان ، أو من لا سلاح له ، أيلبس الثوب ويستمتع بالسلاح ؟ قال : نعم ، فإذا حضر القسم قيموه .
20069 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع : سمعت سفيان يقول : لا بأس أن يستعينوا بالسلاح إن احتاجوا إليها في أرض العدو ، بغير إذن الإمام .
20071 - ومعنى قوله : " كلا " ، رد لقولهم أي ليس كما ظننتم ، ثم أخبر أن الشملة لتشتعل عليه نارا .
20072 - والشملة : كساء مخمل ذو خمل كذا قال صاحب العين .
20073 - وفي هذا كله ، يرد قول من قال إن التوحيد لا يضر معه ذنب ، وإن [ ص: 207 ] الذنوب إن لم يغفرها الله ، فلابد فيها من العذاب ، والله يغفر لمن يشاء ، ومظالم العباد القصاص بينهم فيها بالحسنات والسيئات ، والغلول من أشدها .
20077 - وفي هذا الحديث دليل على أن الغال لا يجب عليه حرق رحله ومتاعه ؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحرق رحل الذي أخذ الشملة ، ولا أحرق متاع صاحب الخرزات ، ولو فعل ذلك لنقل ، ولو نقل لوصل إلينا ، كما وصل حديث صالح بن محمد بن زائدة ، عن سالم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=954339من غل ، فأحرقوا متاعه " .
20078 - وهذا حديث انفرد به صالح بن زائدة ، وهو رجل من أهل المدينة ، تركه مالك ، وروى عنه الدراوردي وغيره ، وليس ممن يحتج بحديثه .
[ ص: 209 ] 20079 - وقد اختلف العلماء في عقوبة الغال .
20085 - فقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، ومحمد بن عبد العزيز ، وهو قول مكحول : يحرق متاع الغال كله .
20081 - قال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : إلا سلاحه وثيابه التي عليه وسرجه ، ولا تنتزع منه دابة ، ويحرق سائر متاعه كله ، إلا الشيء الذي غل ، فإنه لا يحرق . قال : ولا عقوبة عليه غير ذلك .
20082 - وقال أحمد وإسحاق في عقوبة الغال : يحرق متاعه ويؤخذ كقول nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي .
20083 - وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أنه قال : يحرق جميع رحله ، إلا أن يكون حيوانا أو مصحفا .
20084 - وقال مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأبو حنيفة وأصحابهم nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد : لا يحرق رحل الغال ، فلا يعاقب إلا بالتعزير على اجتهاد الأمير .
[ ص: 210 ] 20085 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وداود : إن كان عالما بالنهي ، عوقب ، وهو قول الليث .
20086 - وقد زدنا هذه المسألة بيانا في " التمهيد " .
20087 - وأجمع العلماء على أن على الغال أن يرد ما غل إلى صاحب المقاسم ، إن وجد إلى ذلك سبيلا ، وأنه إذا فعل ذلك ، فهي توبة له .
20088 - واختلفوا إذا افترق أهل العسكر ، ولم يوصل إليه :
20089 - فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يدفع إلى الإمام خمسه ، ويتصدق بالباقي ، فإن خاف الإمام على نفسه تصدق به كله .
20090 - وأحسن شيء في هذا ما رواه سنيد وغيره ، عن أبي فضالة ، عن أزهر بن عبد الله ، قال : - غزا nindex.php?page=showalam&ids=16868مالك بن عبد الله الخثعمي : أرض الروم فغل رجل مائة دينار ، ثم أتى بها nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان بعد افتراق الجيش ، فأبى أن يأخذها وقال : قد نفر الجيش وتفرقوا .
فأتى بها nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت ، فذكر ذلك له ، فقال : ارجع إليه فقل : خذ خمسا أنت ثم تصدق أنت بالبقية ، فإن الله عالم بهم جميعا .
فأتى معاوية فأخبره ، فقال : لئن كنت أنا أفتيتك بها أحب إلي من كذا وكذا .