الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1022 - مالك ، أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يكره أن تقتل الإنسية بما يقتل به الصيد من الرمي وأشباهه .


[ ص: 270 ] 21858 م - قال أبو عمر : اختلف العلماء في هذه المسألة ، وهي البهيمة الداجن تستوحش والبعير يشرد : 21859 - فقال مالك ، وربيعة ، والليث بن سعد : لا يؤكل إلا أن ينحر البعير ، أو يذبح ما يذبح من ذلك .

21860 - وقال الثوري وأبو حنيفة ، والشافعي : إذا لم يقدر على ذكاة البعير الشارد ، فإنه يقتل كالصيد ، ويكون بذلك مذكى .

21861 - قال أبو عمر : هذا القول أظهر في أهل العلم ؟ لحديث رافع بن خديج ، قال : ند لنا بعير ، فرماه رجل بسهم فحبسه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش ، فما غلبكم منها ، فاصنعوا به هكذا ، وكلوا " .

[ ص: 271 ] 21862 - رواه سعيد بن مسروق ، عن عباية بن رفاعة ، عن رافع بن خديج ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم .

21863 - وروى الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال : جاء رجل إلى علي - رضي الله عنه - فقال : إن بعيرا لي ند ، فطعنته برمحي ، فقال علي : اهد لي عجزه .

21864 - وروى إسرائيل ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : إذا ند البعير فارمه بسهمك ، واذكر اسم الله .

[ ص: 272 ] 21865 - وعن ابن مسعود معناه .

21866 - ومعمر ، عن طاوس ، عن أبيه في البهيمة تستوحش ، قال : هي صيد ، أو قال : هي بمنزلة الصيد .

21867 - قال أبو عمر : من جهة القياس ، لما كان الوحشي إذا قدر عليه لم يحل إلا بما يحل به الإنسي ، لأنه صار مقدورا عليه ، فكذلك ينبغي في الإنسي إذا توحش ، أو صار في معنى الوحشي من الامتناع أن يحل بما حل به الوحشي .

21868 - وحجة مالك أنهم قد أجمعوا أنه لو لم يند الإنسي أنه لا يذكى إلا بما يذكى به المقدور عليه .

21869 - ثم اختلفوا ، فهو على أصله حتى يتفقوا .

21870 - وهذا لا حجة فيه ، لأن إجماعهم إنما انعقد على مقدور عليه ، وهذا غير مقدور عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية