23820 - وأما قول مالك في آخر هذا الباب : في المحلل : إنه لا يقيم على نكاحه ذلك . حتى يستقبل نكاحا جديدا فإن أصابها في ذلك فلها مهرها .
فهذا منه حكم بأن نكاح المحلل فاسد ، لا يقيم عليه ، ويفسخ قبل الدخول وبعده .
23821 - وكذلك ما كان فيه مهر المثل إلا المهر المسمى عنده .
23822 - وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - لامرأة رفاعة القرظي : أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ [ ص: 156 ] دليل على أن إرادة المرأة الرجوع إلى زوجها لا يضر العاقد عليها ، وأنها ليست بذلك في معنى التحليل الموجب لصاحبه اللعنة المذكورة في الحديث .
23823 - وقد اختلف الفقهاء في هذا المعنى على ما نذكره عنهم ، إن شاء الله عز وجل .
23827 - وليس في القرآن ذكر مسيس في هذا الموضع ، وغابت عنه السنة في ذلك ، ولذلك لم يعرج على قوله أحد من العلماء بعده .
23828 - وانفرد أيضا nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، فقال : لا تحل للأول حتى يطأها [ ص: 157 ] الثاني وطأ فيه إنزال ، وقال : معنى العسيلة : الإنزال .
23833 - وقال أبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . وأصحابهما ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي : يحلها التقاء الختانين ، ووطء كل زوج يعد وطؤه وطأ ، وإن لم يحتلم إذا كان مراهقا .
23835 - قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا أصابها بنكاح صحيح ، وغيب الحشفة في [ ص: 158 ] فرجها ، فقد ذاق العسيلة ، وسواء في ذلك قوي النكاح ، وضعيفه .
23836 - قال : والصبي الذي يطأ مثله ، والمراهق ، والمجنون ، والخصي الذي قد بقي معه ما يغيبه في الفرج يحلون المطلقة لزوجها .
23838 - قال : وكذلك لو أصابها ( محرما ، أو أصابها حائضا ، أو محرمة ، أو صائمة كان عاصيا ، وأحلها وطؤه 23839 - قال أبو عمر : مذهب الكوفيين ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي في هذا كله نحو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، ونحو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون ، وطائفة من أهل المدينة من أصحاب مالك ، وغيرهم .
23841 - فقال مالك في " الموطأ " وغيره : إنه لا يحلها إلا نكاح رغبة ، وأنه إن قصد التحليل لم تحل له ، وسواء علما ، أو لم يعلما لا تحل ، ويفسخ نكاح من قصد إلى التحليل ، ولا يقر على نكاحه قبل الدخول وبعده .
23842 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، والليث في ذلك نحو قول مالك .
23843 - وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري في نكاح المحلل ، ونكاح الخيار أنه قال : النكاح جائز ، والشرط باطل .
23844 - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى في نكاح المحلل ونكاح المتعة ، أبطل [ ص: 159 ] الشرط في ذلك وأجاز النكاح .
23845 - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي أيضا أنه قال في نكاح المحلل : بئس ما صنع ، والنكاح جائز .
23846 - وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف : النكاح جائز ، وله أن يقيم على نكاحه ذلك .
23849 - ومرة قالوا : تحل له بذلك العقد إذا كان معه وطء ، أو طلاق .
23850 - وروى nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن بن زياد ، عن زيد : إذا شرط تحليلها للأول ، فالنكاح جائز ، والشرط باطل ، ويكونان محصنين بهذا التزويج إذا وطئ .
23851 - وقال أبو يوسف : النكاح على هذا الشرط فاسد ، ولها مهر المثل ولا يحصنها .
23852 - قال أبو عمر : سنذكر ما يقع به الإحصان ، وما شروطه عند الفقهاء ، واختلافهم في ذلك في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى .
23853 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا تزوجها ليحلها وأظهر ذلك ، فقال : أتزوجك [ ص: 160 ] لأحلك ، ثم لا نكاح بيننا بعد ذلك ، فهذا ضرب من نكاح المتعة ، وهو فاسد ، لا يقر عليه ، ولا يحل له الوطء على هذا وإن وطئ لم يكن وطؤه تحليلا .
23854 - قال : وإن تزوجها تزويجا مطلقا لم يشترط ، ولا اشترط عليه التحليل ، إلا أنه نواه وقصده ، فللشافعي في كتابه القديم - العراقي - في ذلك قولان :
( أحدهما ) : مثل قول مالك .
( والآخر ) : مثل قول أبي حنيفة .
23855 - ولم يختلف قوله في كتابه الجديد - المصري - أن النكاح صحيح إذا لم يشترط التحليل في قوله .
23856 - وهو قول داود .
23857 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري : إذا هم أحد الثلاثة بالتحليل فسد النكاح .
23858 - وقال سالم ، والقاسم : لا بأس أن يتزوجها ليحلها إذا لم يعلم الزوجان .
23859 - قال : وهو مأجور بذلك .
[ ص: 161 ] 23860 - وكذلك قال ربيعة ، nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى بن سعيد : هو مأجور .
23861 - وقال أبو الزناد : إن لم يعلم واحد منهما ، فلا بأس بالنكاح ، وترجع إلى زوجها الأول .
23862 - وقال عطاء : لا بأس أن يقيم المحلل على نكاحه .
23863 - وقال داود بن علي : لا يبعد أن يكون مريد نكاح المطلقة ليحلها لزوجها مأجورا .
23864 - وإذا لم يظهر ذلك في اشتراطه في حين العقد ; لأنه قصد إرفاق أخيه المسلم وإدخال السرور عليه .
23867 - قال أبو عمر : معلوم أن إرادة المرأة المطلقة للتحليل لا معنى لها إذا لم يجامعها الرجل على ذلك ; لأن الطلاق ليس بيدها ، فوجب ألا تقدح إرادتها في عقد النكاح .
23868 - وكذلك المطلق أحرى ألا يراعى ; لأنه لا مدخل له في إمساك الزوج الثاني ، ولا في طلاقه إذا خالفه في ذلك ، فلم تبق إلا إرادة الزوج [ ص: 163 ] الناكح ، فإن ظهر ذلك بالشرط علم أنه محلل دخل تحت اللعنة المنصوص عليها في الحديث .
23869 - ولا فائدة للعنة إلا إفساد النكاح ، والتحذير منه ، والمنع يكون حينئذ في حكم نكاح المتعة كما قال الشافعي ، ويكون محللا ، فيفسد نكاحه .
23870 - وهاهنا يكون إجماعا من المشدد والمرخص ، وهو اليقين ، إن شاء الله تعالى .
23871 - وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب في نكاح المحلل أنه قال : لا أوتى بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما .
23872 - قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : ويحتمل أن يكون تشديدا وتغليظا وتحذيرا ; لئلا يواقع ذلك أحد كنحو ما هم به النبي - عليه السلام - أن يحرق على من تخلف عن صلاة الجماعة بيوتهم .
23873 - وإنما تأولنا هذا على عمر - رضي الله عنه ; لأنه قد صح عنه أنه درأ الحد عن رجل وطئ غير امرأته ، وهو يظن أنها امرأته ، وإذا بطل الحد بالجهالة ، بطل بالتأويل ; لأن المتأول عند نفسه مصيب ، وهو في معنى الجاهل إن شاء الله عز وجل .
[ ص: 164 ] 23874 - وكذلك القول في قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر إذ سئل عن نكاح المحلل ، فقال : لا أعلم ذلك إلا السفاح .
23875 - قال أبو عمر : ليس الحدود كالنكاح في هذا ; لأن الحد ربما درئ بالشبهة ، والنكاح إذا وقع على غير سنة ، وطابق النهي فسد ; لأن الأصل أن الفروج محظورة ، فلا تستباح إلا على الوجه المباح لا المحظور المنهي عنه .