1484 1455 - مالك عن نافع ; أن رجلا وجد لقطة ، فجاء إلى عبد الله بن عمر ، فقال له : إني وجدت لقطة ، فماذا ترى فيها ؟ فقال له عبد الله بن عمر : عرفها ، قال : قد فعلت ، قال : زد ، قال : قد فعلت ، فقال عبد الله : لا آمرك أن تأكلها ، ولو شئت ، لم تأخذها .
[ ص: 332 ] 33055 - وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كره أخذها .
33056 - ورأى آخرون أخذها ، وتعريفها ، وكرهوا تركها ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب .
33057 - وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن حي ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي فقال : لا أحب لأحد ترك لقطة وجدها إذا كان أمينا عليها .
33062 - وقد ذكرنا الإسناد بهذين الحديثين في التمهيد .
[ ص: 333 ] 33063 - وإذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بأخذ الشاة ويقول : خذها ، ورد على أخيك ضالته .
33064 - ومعلوم أن اللقطة مثلها; لأن الشأن فيهما أنه لا يمتنع شيء منهما على من أراده بهلاك أو فساد .
33065 - وفي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بتعريف الضالة الذي سأله عنها ، ولم يقل له : لم أخذتها ؟ وأمره أيضا - صلى الله عليه وسلم - بأخذ الشاة ، ولم يقل في شيء من ذلك - كما قال في الإبل - دعها حتى يأتي بها دليل ، على أن الأفضل أخذها ، وتعريفها ; لأن تركها عون على ضياعها .
33066 - ومن الحق أن يحفظ المسلم على المسلم ماله ، ويحوطه بما أمكنه .
33067 - ومن قاس اللقطة على الإبل ، فقال : لا تؤخذ ، لم يصب القياس .
33068 - وقد اختلف العلماء في اللقطة والضالة ;
33069 - فكان nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد; القاسم بن سلام يفرق بين اللقطة والضالة ، وقال الضالة لا تكون إلا في الحيوان ، واللقطة في غير الحيوان .
33070 - قال أبو عبيد : إنما الضوال ما ضل بنفسه ، وكان يقول : لا ينبغي لأحد أن يدع اللقطة ، ولا يجوز له أخذ الضالة .
33072 - وقال غيره من أهل العلم : اللقطة والضالة سواء في المعنى ، والحكم فيهما سواء .
33073 - وممن ذهب إلى هذا nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر الطحاوي وأنكر قول أبي عبيد : الضالة ما ضل بنفسه ، وقال : هذا غلط ; لأنه قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الإفك قوله للمسلمين : إن أمكم ضلت قلادتها ، فأطلق ذلك على القلادة .
33077 - قال أبو عمر : في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ضالة الغنم : هي لك ، أو لأخيك ، أو للذئب وفي ضالة الإبل : ما لك ولها ، معها حذاؤها وسقاؤها .
33078 - الحديث دليل واضح على أن العلة في ذلك خوف التلف ، والذهاب ، لا جنس الواهب ، فلا فرق بين ما ضل بنفسه ، وما لم يضل بنفسه ، ولا بين الحيوان وغيره ; لأن المراد من ذلك كله حفظه على صاحبه ، وخوف ذهابه عنه ، وإنما خص الإبل ; لأنها إذا تركها واجدها ، ولم يعرض لها وجدها صاحبها سالمة عند طلبه لها ، وبحثه عنها ; لأن الذئب لا يخاف عليها في الأغلب من أمرها ، وصبرها عن الماء فوق صبر غيرها من الحيوان ، والله أعلم بما أراد - صلى الله عليه وسلم - .
33080 - فقال مالك : إن كان تافها يسيرا تصدق به قبل الحول .
33081 - وقال في مثل المخلاة والحبل والدلو ، وأشباه ذلك إن كان في طريق [ ص: 336 ] وضعه في أقرب الأماكن إليه ليعرف ، وإن كان في مدينة انتفع به ، وعرفه ، ولو تصدق به كان أحب إلي ، فإن جاء صاحبه كان علي حقه .
33082 - وقد روى مالك ، وابن القاسم أن اللقطة تعرف سنة ، ولم يفرق بين قليلها وكثيرها .
33083 - وروى عيسى ، عن ابن وهب أنه قال : ما قل عن ذلك عرفه أياما ، فإن لم يجد صاحبه تصدق به إن كان غنيا ، وإن كان محتاجا أكله .
33084 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يعرف القليل والكثير من ماله بقاء حولا كاملا ، ولا تنطلق يده على شيء منه قبل الحول بصدقة ، ولا غيرها .
33085 - فإذا عرفها حولا أكله ، أو تصدق به ، فإذا جاءه صاحبه ، كان غريما في الموت والحياة .
33086 - قال : وإن كان طعاما لا يبقى ، فله أن يأكله ، ويغرمه لربه .
33087 - وقال المزني : ومما وجد بخطه : أحب إلي أن يبيعه ، ويقيم على تعريفه حولا ، ثم يأكله .
33088 - قال المزني : هذا أولى به ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل للملتقط : فشأنك بها إلا بعد السنة ، ولم يفرق بين القليل والكثير .
33089 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : ما كان عشرة دراهم فصاعدا عرفه حولا كاملا ، وما كان دون ذلك عرفه على قدر ما يرى .
[ ص: 337 ] 33090 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن حي كقولهم سواء ، إلا أنه قال : ما كان دون عشرة دراهم عرفه ثلاثة أيام .
33091 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، في الذي يجد الدرهم : يعرفه أربعة أيام .
33092 - رواه عنه أبو نعيم .
33093 - واتفق الفقهاء في الأمصار ; مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، والليث ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو عبيد ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، وداود أن يعرف اللقطة سنة كاملة ; له بعد تمام السنة أن يأكلها إن كان فقيرا ، أو يتصدق بها ، فإن جاء صاحبها ، وشاء أن يضمنه كان ذلك له .
33094 - وروي ذلك عن جماعة من السلف منهم عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس - رضي الله عنهم كلهم - قال : إن تصدق بها ، وجاء صاحبها كان مخيرا بين الأجر ينزل عليهم ، أو الضمان يضمن المتصدق بها إن شاء .
33095 - واختلفوا : هل للغني أن يأكلها ، ويستنفقها بعد الحول أم لا ؟
فاستحب مالك للغني أن يتصدق بها أو يحبسها ، وإن أكلها ، ثم جاء صاحبها ضمنها .
33096 - قال ابن وهب : قلت لمالك : ما قول عمر : فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها ؟
قال : شأنه يصنع بها ما شاء - إن شاء أمسكها ، وإن شاء تصدق بها ، وإن شاء استنفقها .
قال : فإن جاء صاحبها أداها إليه .
[ ص: 338 ] 33097 - وقال أبو حنيفة : لا يأكلها الغني ألبتة بعد الحول ، ويتصدق بها على كل حال ، إلا أن يكون ذا حاجة إليها ، وإنما يأكلها الفقير ، فإن جاء صاحبها كان مخيرا على الفقير الأكل وعلى الغني التصدق .
33098 - وممن روي عنه أن الملتقط يتصدق بها ، ولا يأكلها : علي ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس - رضي الله عنهما - nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ، والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، وعكرمة ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي .
33101 - وهو تحصيل مذهب مالك ، وأصحابه ، وعليه يناط أصحابه ; لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لواجدها : شأنك بها بعد السنة ، ولم يفرق بين الغني والفقير ، ولا سأله أغني أنت أم فقير ؟
33103 - وهذا معناه عند الجميع انطلاق يد الملتقط عليها بعد الحول بما شاء من الأكل لها واستنفاقها ، أو الصدقة بها ، ولكنه يضمنها إن جاء صاحبها بإجماع المسلمين .
[ ص: 339 ] 33104 - وممن روي عنه مثل قول مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي أن الملتقط مخير بعد الحول في أكلها ، أو الصدقة بها - عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، وعائشة - رضي الله عنهم .
33105 - وهو قول عطاء ، وأحمد ، وإسحاق ، ولم يفرقوا بين غني وفقير .
33106 - واختلفوا في دفع اللقطة إلى من جاء بالعلامة دون بينة :
33107 - فقال مالك : يستحق بالعلامة .
33108 - قال ابن القاسم : ويجبر على دفعها إليه ، فإن جاء مستحق ، فاستحقها ببينة ، لم يضمن الملتقط شيئا من ذلك .
33112 - وهذا نص في موضع الخلاف يوجب طرح ما خالفه .
33113 - وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، أبو عبيد .
33114 - وقال أبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأصحابهما : لا يستحق إلا ببينة ، ولا يجبر الملتقط لها أن يدفعها إلى من جاء بالعلامة ، ويسعه أن يدفعها إليه فيما بينه وبينه دون قضاء .
[ ص: 340 ] 33115 - وذكر المزني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قال : فإذا عرف صاحب اللقطة العفاص ، والوكاء ، والعدة ، والوزن وحلاها بحليتها ، ووقع في نفس الملتقط أنه صادق كان له أن يعطيه إياها ، ولا أجبره ; لأنه قد يصيب الصفة بأن يسمع الملتقط يصفها .
33116 - قال : ومعنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : اعرف عفاصها ، ووكاءها معها - والله أعلم - لأن يؤدي عفاصها ووكاءها معها ، وليعلم إذا وضعها في ماله أنها لقطة .
33117 - وقد يكون استدل بذلك على صدق المعرف ، أرأيت لو وصفها عشرة أيعطونها كلهم ، ونحن نعلم أن كلهم كاذب إلا واحد بغير عينه يمكن أن يكون صادقا .
33118 - وقد قال أبو حنيفة : إن كانت اللقطة دنانير ، أو دراهم ، فسمى طالبها وزنها وعددها ، وعفاصها ، ووكاءها دفعها إليه إن شاء ، وأخذه بها كفيلا .
33119 - قال أبو عمر : ظاهر الحديث أولى مما قال هؤلاء; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للملتقط : اعرف عفاصها ، ووكاءها ، فإن عرفها صاحبها فادفعها إليه .
33120 - هكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة وغيره في الحديث ، وقد ذكرناه في التمهيد .
33126 - رواه شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15804خالد الحذاء ، قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=17366يزيد بن عبد الله بن الشخير يحدث عن أخيه مطرف ، عن عياض بن حمار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
33127 - قال أبو عمر : من حجة مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأبي يوسف ، ومحمد - إجماع العلماء بأن المغصوبات لو أشهد الغاصب على نفسه أنه غصبها لم يدخلها إشهاده ذلك في حكم الأمانات ، فكذلك ترك الإشهاد على الأمانات ، لا يدخلها في حكم المضمونات .
33128 - وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في اللقطة : إن جاء صاحبها ، وإلا فلتكن وديعة عندك في حديث nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال وغيره على ما ذكرناه في التمهيد .
33134 - فقال مالك في ضالة الغنم : ما قرب من القرى ، فلا يأكلها ، وضمنها إلى أقرب القرى ، لتعرف فيها .
33135 - قال : ولا يأكلها واجدها ، ولا من تركت عنده حتى تمر بها سنة كاملة ، أو أكثر .
33136 - كذا قال ابن وهب عنه .
33137 - قال : وإن كان للشاة صوف ، أو لبن ، ووجد من يشتري ذلك منه [ ص: 343 ] باعه ، ودفع ثمنه لصاحب الشاة إن جاء .
33138 - قال مالك : ولا أرى بأسا أن يصيب من نسلها ولبنها بنحو قيامه عليها .
33139 - قال : وإن كان تيسا ، فلا بأس أن يتركه ينزو على غنمه ما لم يفسده ذلك .
33140 - هذا كله إذا وجد بقرب القرى من الغنم .
33141 - وأما ما كان منها في الفلوات ، والمهامه ، فإنه يأخذها ، ويأكلها ، ولا يعرفها ، فإن جاء صاحبها ، فليس له شيء ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : هي لك ، أو لأخيك ، أو للذئب .
33142 - قال : والبقر بمنزلة الغنم إذا خيف عليها ، فإن لم يخف عليها السباع فهي بمنزلة الإبل .
33143 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي في الشاة إن أكلها واجدها ضمنها لصاحبها .
33144 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يأخذ الشاة بالفلاة ، ويعرفها ، فإن لم يجئ صاحبها أكلها ، ثم ضمنها إن جاء .
33145 - وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ، وسائر العلماء .
33146 - قال أبو عمر : اتفق أبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأصحابهما ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، وأحمد ، وإسحاق على أن الملتقط للشاة عليه ضمان ما أكل من لبنها وثمن صوفها ، وقيمة نزواته على ضأنه ; لأنه متطوع بقيامه عليها ، لا يستحق عليه شيء .
[ ص: 344 ] 33147 - وقال الكوفيون : إلا أن يرفعها إلى السلطان فيعرض ذلك له .
33148 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر الطحاوي : لم يوافق مالك أحدا من العلماء على قوله في الشاة إن أكلها واجدها ، لم يضمنها واجدها في الموضع المخوف .
33149 - واحتجاجه بقوله - صلى الله عليه وسلم - : هي لك أو لأخيك ، أو للذئب . لا معنى له ; لأن قوله : فهي لك ليس على معنى التمليك ، كما أنه إذا قال : أو للذئب لم يرد به التمليك ; لأن الذئب لا يملك ، وإنما يأكلها على ملك صاحبها فينزل على أجر مصيبتها ، فكذلك الواجد إن أكلها على ملك صاحبها ، فإن جاء ضمنها له .
33153 - وفي إجماعهم على هذا أوضح الدلائل على ملك صاحبها لها بالفلوات ، وغيرها .
[ ص: 345 ] 33154 - ولا فرق بين قوله - صلى الله عليه وسلم - في الشاة : هي لك ، أو لأخيك ، أو للذئب ، وبين قوله في اللقطة لواجدها : إذا عرفتها سنة ، ولم يأت صاحبها فشأنك بها ، بل هذا أشبه بالتمليك ; لأنه لم يذكر معه في لفظ التمليك دينا ، ولا غيره .
33155 - وقد أجمع علماء المسلمين في اللقطة أن واجدها يغرمها إذا استهلكها بعد الحول إن جاء صاحبها طالبا لها ، فالشاة أولى بذلك قياسا ونظرا .
33156 - وقد شبه بعض المتأخرين من أصحابنا الشاة الموجودة بالفلاة بالركاز ، وهذه غفلة شديدة ; لأن الركاز لم يصح عليه ملك لأحد قبل واجده .
33157 - والشاة ملك ربها لها صحيح مجتمع عليه ، فلا يزول ملكه عنها إلا بإجماع مثله ، أو سنة ، لا إشكال فيها ، وهذا معدوم في هذه المسألة ، فوجب الضمان فيها .
33158 - وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون في المستخرجة : إن أكل الشاة واجدها بالفلاة ، أو تصدق بها ، ثم جاء صاحبها ضمنها له .