1471 - قال مالك : في الرجل يبتاع السلعة من الحيوان أو الثياب أو العروض فيوجد ذلك البيع غير جائز ، فيرد ويؤمر الذي قبض السلعة أن يرد إلى صاحبه سلعته .
قال مالك : فليس لصاحب السلعة إلا قيمتها يوم قبضت منه ، وليس يوم يرد ذلك إليه ، وذلك أنه ضمنها من يوم قبضها ، فما كان فيها من نقصان بعد ذلك كان عليه ، فبذلك كان نماؤها وزيادتها له ، وإن الرجل يقبض السلعة في زمان هي فيه نافقة ، مرغوب فيها ، ثم يردها في زمان هي فيه ساقطة ، لا يريدها أحد ، فيقبض الرجل السلعة من الرجل ، فيبيعها بعشرة دنانير ، ويمسكها وثمنها ذلك ، ثم يردها وإنما ثمنها دينار ، فليس له أن يذهب من مال الرجل بتسعة دنانير ، أو يقبضها منه الرجل فيبيعها بدينار ، أو يمسكها ، وإنما ثمنها دينار ، ثم يردها وقيمتها يوم يردها عشرة دنانير ، فليس على الذي قبضها أن يغرم لصاحبها من ماله تسعة دنانير ، إنما عليه قيمة ما قبض يوم قبضه .
قال : ومما يبين ذلك . أن السارق إذا سرق السلعة ، فإنما ينظر إلى [ ص: 79 ] ثمنها يوم يسرقها ، فإن كان يجب فيه القطع ، كان ذلك عليه ، وإن استأخر قطعه ، إما في سجن يحبس فيه حتى ينظر في شأنه ، وإما أن يهرب السارق ثم يؤخذ بعد ذلك فليس استئخار قطعه بالذي يضع عنه حدا قد وجب عليه يوم سرق ، وإن رخصت تلك السلعة بعد ذلك ولا بالذي يوجب عليه قطعا لم يكن وجب عليه يوم أخذها ، إن غلت تلك السلعة بعد ذلك .
33556 - قال أبو عمر : بنى مالك - رحمه الله - هذا الباب على مذهبه فيمن ضمن شيئا أنه يطيب له النماء والربح فيه والنقصان .
33558 وأما العقار ، فليس حوالة الأسواق فيه فوتا عندهم ، ولا يفوت العقار في البيع الفاسد إلا بخروجه عن يد المشتري ، أو ببنيان أو هدم ، أو غرس .
[ ص: 80 ] 33559 - ولم يختلفوا في العروض كلها من الحيوان ، أو الثياب ، أو غيرها أن خروجها من يد المشتري فوت أيضا ، وأن عليه قيمتها يوم قبضها إلا أن تكون فاتت من يده ببيع ، ثم ردت إليه ، ورجعت إلى ملكه قبل أن تتغير وتحول أسواقها ، فإن هذا موضع اختلف فيه قول مالك ; فقال مرة : على أي وجه رجعت إليه ، ولم تتغير سوقها ، فإنه يردها .
وقال مرة : لا يردها إذ قد لزمته القيمة ، يعني بفوتها بالبيع ، ولو كانت السلعة عبدا ، أو أمة اشتراها شراء فاسدا ثم أعتقها ، أو دبر ، أو كاتب ، أو تصدق ، أو وهب كان ذلك كله فوتا إذا كان مليا بالثمن ، وتلزمه القيمة يوم فوت ذلك إلا أن تكون السلعة مما يكال ، أو يوزن ، فإنه يرد مثل ما قبض في صفته ، وكيله ، ووزنه .
33560 - هذا كله تحصيل مذهب مالك ، وأصحابه ، ولم يتابع مالكا في قوله على أن حوالة الأسواق بالزيادة في الثمن ، أو النقصان فوت في البيع الفاسد أحد من أئمة الفتوى بالأمصار فيما علمت إلا أصحابه .
33561 - وأما nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فتصرف المشتري في المبيع بيع فاسد باطل لا ينفذ ، ولا يصح فيه هبته ، ولا تدبيره ، ولا عتقه ، ولا بيعه ، ولا شيء من تصرفه ، وهو مفسوخ أبدا عنده ، ويرده بحاله ، وهو على ملك البائع ، والمصيبة منه ، وعتق المشتري له باطل ، فإذا فات عند المشتري بذهاب عينه ، وفقده ، واستهلاكه لزمه فيه القيمة في حين فوته ، وذهاب عينه لا تعتبر سوقه ، والبيع فاسد عنده ، حكمه كالمغصوب سواء .
[ ص: 81 ] 33562 - وهو قول أحمد ، وإسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، وداود .
33563 - قال أبو حنيفة ، وأصحابه في الرجل يشتري الجارية شراء فاسدا ، ويقبضها ، ثم يبيعها ، أو يهبها ، أو يمهرها ، فتصير عند المشتري لها منه ، أو عند الموهوب له ، أو عند المرأة الممهورة ، فعليه ضمان القيمة ، وفعله كله في ذلك جائز ، وكذلك لو كاتبها ، أو وهبها ، إلا أن الجارية الموهوبة لو افتكها قبل أن يضمنه القاضي قيمتها ردها على البائع ، وكذلك المكاتبة إن عجزت عن أداء الكتابة .
33564 - قالوا : ولو ردها المشتري بعيب بعد القبض بغير قضاء ، فعليه ضمان القيمة ولا يردها على البائع ، والله الموفق للصواب .