38501 - قال أبو عمر : أما دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنس بالبركة [ ص: 10 ] لأهل المدينة في مكيالهم وصاعهم ومدهم ، فالمعنى فيه - والله عز وجل أعلم - صرف الدعاء بالبركة إلى ما يكال بالمكيال والصاع والمد من كل ما يكال ، وهذا من فصيح كلام العرب ، وأن يسمى الشيء باسم ما قرب منه ، ولو لم تكن البركة في كل ما يكال ، وكانت في المكيال لم تكن في ذلك منفعة ولا فائدة ، بل لو رفعت البركة من المكال ، فكانت في المكيال كانت مصيبة ، وهذا محال في معنى الحديث ، وقد جل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو بما لا فائدة فيه .
38506 - وأما دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة فمجاب كله إن شاء الله عز وجل .
وإذا كانت الإجابة موجودة لغيره ، فما ظنك به - صلى الله عليه وسلم - .
38507 - وقد يحتمل أن يكون قوله - صلى الله عليه وسلم - : " اللهم بارك لنا " يريد نفسه وأصحابه الذين آمنوا به ، وصدقوه ، واتبعوه على دينه ، في زمانه ، وتدرك بركة تلك الدعوة في قوله : " اللهم بارك لنا " كل من كان حيا ، مولودا في مدته وكل من آمن به واتبعه من ساكني المدينة ، إن شاء الله - عز وجل - .
38508 - ومعلوم أنه لم يرد بدعائه طعام المنافقين ، ولم يدخله في دعوته تلك لأنه لم يقصدهم بذلك .
38509 - وقد ظن قوم أن هذا الحديث يدل على أن المدينة أفضل من مكة بدعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها بمثل ما دعا به إبراهيم لمكة ومثله معه ، وليس كما ظنوا لأن دعاء إبراهيم لمكة لم تعرف فضيلة مكة به وحده ، بل كان فضلها قبل أن يدعو لها .
38513 - وقد دعا إبراهيم لمكة بنحو دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمدينة .
38514 - حدثني أحمد بن عبد الله قال : حدثني الحسن بن إسماعيل قال : حدثني عبد الملك بن بحر قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16061سنيد قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=13382إسماعيل ابن علية ، عن أيوب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، في الحديث الطويل حين نزل إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه هاجر مكة ، ثم رجع إلى الشام ، ثم عاد إليها بعد مدة وقد ماتت أم إسماعيل ، وتزوج إسماعيل في جرهم ، فوجد امرأته في المرة الثانية ، ولم يجد إسماعيل ، فسألها [ ص: 13 ] عنه ، فقالت : مر إلى الصيد ، فقال : وما طعامكم ؟ قالت : اللحم والماء . فقال : اللهم بارك لهم في لحمهم ومائهم . قالها ثلاثا .
38515 - وحدثني محمد بن عبد الله بن حكم قال : حدثني محمد بن معاوية قال : حدثني إسحاق بن أبي حسان قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=17246هشام بن عمار قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=15667حاتم بن إسماعيل قال : حدثني حميد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16650عمار الدهني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، في قوله - عز وجل - : " رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر " [ البقرة : 126 ] قال : كان إبراهيم يحجرها على المؤمنين دون غيرهم ، فقال الله - عز وجل - : " ومن كفر " أيضا ، فإني أرزقه كما أرزق المؤمنين ، أأخلق خلقا لا أرزقهم ؟ أمتعهم قليلا ، ثم أضطرهم إلى عذاب النار وبئس المصير ، ثم قرأ ابن عباس " كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا " [ الإسراء : 20 ] .
38516 - ذكر nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16833قيس بن الربيع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15822خصيف ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، ومجاهد ، في قوله - عز وجل - : " وارزق أهله من الثمرات " . قالا : سأل الرزق لمن آمن .
38517 - قال أبو عمر : ولو كان الدعاء للمدينة بالبركة دليلا على [ ص: 14 ] فضلها على مكة ، لكانت الشام واليمن أفضل من مكة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا بالبركة لأهلها ، ولم يذكر في ذلك الحديث مكة ، وهذا لا يقوله مسلم .
38518 - أخبرنا عبد الوارث قال : حدثني قاسم قال : حدثني الخشني قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى قال : حدثني حسين بن الحسن ، عن ابن عوف ، عن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
38521 - قال أبو عمر وفي هذا الحديث علم من أعلام نبوته [ ص: 15 ] - صلى الله عليه وسلم - لإخباره عن الشام وهي يومئذ دار كفر ، وكان كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
38522 - ومثل هذا حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في المواقيت ، وقت لأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرنا .
38529 - وهكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=16214صالح بن كيسان ، nindex.php?page=showalam&ids=17423ويونس بن يزيد ، nindex.php?page=showalam&ids=16581وعقيل بن خالد ، وعبد الرحمن بن خالد بن يزيد ، nindex.php?page=showalam&ids=16581وعقيل بن خالد ، وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر ، كلهم عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن عدي بن الخيار ، سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله .
38530 - وهو حديث لا يختلف أهل العلم بالحديث في صحته .
38531 - وأما ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في حين خروجه من مكة إلى المدينة : " اللهم إنك تعلم أنهم أخرجوني من أحب البلاد إلي ، فأسكني أحب البلاد إليك " .
[ ص: 17 ] 38532 - وهو حديث موضوع منكر ، لا يختلف أهل العلم في نكارته وضعفه ، وأنه موضوع وينسبون وضعه إلى محمد بن الحسن بن زبالة المدني ، وحملوا عليه فيه ، وتركوه .
38533 - وأخبرنا عبد الرحمن بن يحيى قال : حدثني علي بن مسرور قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16954أحمد بن داود قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون بن سعيد قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس أن آدم لما أهبط إلى الأرض بالهند قال : يا رب هذه أحب الأرض إليك أن تعبد فيها ؟ قال : بل مكة ، فسار آدم حتى أتى مكة ، فوجد عندها ملائكة يطوفون بالبيت ، ويعبدون الله - عز وجل - ، فقالوا : مرحبا يا آدم يا أبا البشر ، إنا ننتظرك هاهنا منذ ألفي سنة .
38534 - فهذه حكاية مالك - رحمه الله - وقوله وخبره عن مكة .