[ ص: 70 ] 38725 - قال أبو عمر : قد ذكرنا في " التمهيد " ما يستدل به من ألفاظ هذا الحديث ، وما يمكن استنباطه منها ، ونذكر هاهنا ما في ظاهره الذي سبق وذكر .
38726 - وأما اختلاف المهاجرين والأنصار في القدوم على الوباء فلكل واحد منهم معنى صحيح في أصول السنن المجتمع عليها من الكتاب والسنة ، وملاك ذلك كله الإيمان بالقدر ، وأن ما أصاب المرء لم يكن ليخطئه ، مع إباحة الأخذ بالحذر والحزم والفرار عن المهلكة الظاهرة .
38727 - وقد أحكمت السنة ، والحمد لله كثيرا ما قطع وجوه الاختلاف فلا يجوز لأحد أن يقدم على موضع طاعون لم يكن ساكنا فيه ، ولا يجوز له الفرار عنه إذا كان قد نزل في وطنه وموضع سكناه .
38728 - وقد ذكرنا في " التمهيد " خبرا عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال : أصاب الناس طاعون بالجابية ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص تفرقوا عنه ، فإنما هو بمنزلة نار ، فقام nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل ، فقال : لقد كنت فينا وأنت أضل من حمار أهلك سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " nindex.php?page=hadith&LINKID=953265هو رحمة لهذه الأمة ، اللهم فاذكر معاذا في من تذكره في هذه الرحمة .
[ ص: 71 ] 38729 - قال أبو عمر : مات معاذ في طاعون عمواس بالشام سنة ثماني عشرة .
38733 - قال أبو عمر : وقد تخرج في الأيدي والأصابع ، وحيث شاء الله من البدن .
38734 - وروينا أن زيادا كتب إلى معاوية : " إني قد ضبطت العراق بيميني ، وشمالي فارغة " ، فأخبر بذلك nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، فقال : مروا العجائز يدعون الله عليه ، [ ص: 72 ] ففعلن ، فخرج بأصبعه طاعون ، فمات منه .
38736 - وروينا عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، أنه قال : الطاعون فتنة على المقيم وعلى الفار أما الفار فيقول : فررت فنجوت . وأما المقيم فيقول : أقمت فمت وإنما فر من لم يجئ أجله ، وقام فمات من جاء أجله .
38737 - وروينا عن عمر من وجوه قد ذكرناها في " التمهيد " ، أنه ندم على انصرافه عن الطاعون لأنه قد كان نزل بالشام ودخلها يومئذ .
38738 - وروى nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16562عروة بن رويم ، عن قاسم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو قال : جئت عمر حين قدم من الشام ، فسمعته يقول : اللهم اغفر لي رجوعي من سرغ ، يعني حين رجع من أجل الوباء .
38739 - قال nindex.php?page=showalam&ids=16562عروة بن رويم : وبلغنا أنه كتب إلى عامله بالشام : إذا سمعت بالطاعون قد وقع عندكم ، فاكتب إلي أخرج إليه .
38740 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=15835خليفة بن خياط : وفي سنة سبع عشرة خرج nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب إلى الشام ، واستخلف على المدينة nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، وانصرف من سرغ وبها الطاعون .
38741 - وقال ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن أبي التياح يزيد بن حميد [ ص: 73 ] الضبعي قال : قلت لمطرف بن الشخير : " ما تقول - رحمك الله - في الفرار من الطاعون ؟ قال : هو القدر تخافونه ، وليس منه بد .
38742 - وقد ذكرنا أخبار هذا الباب كلها بالأسانيد في " التمهيد " ، وأخبارا غيرها في معناها ، والحمد لله كثيرا منها حديث nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله - عز وجل - : " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت " [ البقرة : 243 ] . قال : كانوا أربعة آلاف خرجوا فرارا من الطاعون ، فماتوا ، فدعا الله نبيا من الأنبياء أن يحييهم حتى يعبدوه ، فأحياهم الله ( عز وجل ) .
38743 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار في هذه الآية : وقع الطاعون في قريتهم ، فخرج أناس ، وبقي أناس ، فمن خرج أكثر ممن بقي ، فنجا الذين خرجوا ، وهلك الذين أقاموا ، فلما كانت الثانية ، خرجوا بأجمعهم إلا قليلا ، فأماتهم الله ، ودوابهم ثم أحياهم ، فرجعوا إلى بلادهم وقد توالدت ذريتهم .
38744 - وقال المدائني : يقال : إنه ما فر أحد من الطاعون فسلم من الموت .
38745 - قال : وهرب nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد ، ورباط بن محمد بن رباط من الطاعون ، فقال إبراهيم بن علي القعنبي :
[ ص: 74 ]
ولما استفز الموت كل مكذب صبرت ولم يصبر رباط ولا عمرو
.
38746 - وقد أحسن nindex.php?page=showalam&ids=11876أبو العتاهية في قوله :
كل يوافي به القضاء إلى الموت ويوفيه رزقه كملا كل فقد أمهله أمل يلهي ولكن خلفه الأجلا يا بؤس للغافل المطيع عن أي عظيم من أمره غفلا