40956 - هذا حديث مسند لا خلاف في صحته ، وقد أفصح بأن أجرة الحجام تطيب له على علمه ; لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعطي أحدا إلا ما يحل كسبه ، يطيب أكله سواء كان عوضا من علمه أو غير عوض ، ولا يجوز في أخلاقه وسنته وشريعته ; أن يعطي عوضا على كل شيء من الباطل .
40958 - وهذا كله يدل على أن كسب الحجام طيب ، لا بأس به ، وأن حديث أبي جحيفة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن ثمن الدم ، ليس من كسب الحجام في شيء ، وأنه لا وجه لكراهة أبي جحيفة لكسب الحجام ; من أجل ذلك .
40961 - قال أبو عمر : نهيه عندنا عن ثمن الدم ، كنهيه عن الخمر ، والخنزير ، وثمن الميتة ، وثمن الكلب ، وليس من كسب الحجام في شيء ; بدليل حديث أنس المذكور .
40963 - وقد ذكرنا إسناده في " التمهيد " وهو إسناد حسن ، إلا أنه لا يخلو من أنه يكون على سبيل التنزه - والله أعلم - لما فيه من جهل العوض ; لأنها صناعة كانت عندهم دناءة ; حتى قالوا : الناس كلهم أكفاء إلا حائك وحجام .
40964 - ولم يكن العرب من يتخذها صناعة مكسب ، وإنما كان يفعل [ ص: 240 ] ذلك بعضهم لبعض ، كإماطة الأذى ، وأخذ القمل من الرءوس ، ونحو ذلك ، أو يكون منسوخا ; لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى الحجام أجرة على حجامته إياه .