الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
267 237 - وأما حديثه عن مخرمة بن سليمان ، عن كريب ، عن ابن عباس فلم يختلف عن مالك في إسناده ومتنه .


[ ص: 245 ] [ ص: 246 ] 6629 - وقد ذكرنا في " التمهيد " كثيرا من طرقه واختلاف الناقلين له .

6630 - وفيه جواز مبيت الغلمان عند ذوات أرحامهم .

6631 - وكان ابن عباس نام تلك الليلة عند خالته ميمونة بنت الحارث الهلالية زوج النبي ، صلى الله عليه وسلم .

6632 - وأما الدخول عليهن في العورات الثلاث : إحداها وهي أوكدها بعد صلاة العشاء .

6633 - وقد أوضحنا هذا في موضعه من هذا الكتاب وهو أمر لا خلاف فيه .

6634 - وفيه : التحري في الألفاظ والمعاني لقوله : أو قبله بقليل أو بعده بقليل هذا فرار من الكذب ، وورع صادق ، وامتثال هذا من أفعال أهل الصدق .

6635 - والوسادة هاهنا : الفراش وشبهه ، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينام في طولها ، ونام هو في عرضها مضطجعا عند رجليه - والله أعلم - أو عند رأسه .

6636 - وفيه : قراءة القرآن على غير وضوء ; لأنه نام النوم الكثير الذي لا يختلف في مثله ، ثم استيقظ فمسح النوم عن وجهه وقرأ العشر الآيات خواتيم آل عمران ، ثم قام إلى الشن المعلق فتوضأ .

6637 - والشن : القربة الخلق والإداوة الخلق ، يقال : لكل واحدة منهما شنة وشن وجمعها شنان ، ومنه الحديث : " قرسوا الماء في الشنان " .

6638 - ومن هذا المعنى - والله أعلم - أخذ عمر قوله للذي قال له : أتقرأ يا أمير المؤمنين وأنت على غير وضوء ؟ فقال له : من أفتاك بهذا ؟ [ ص: 247 ] أمسيلمة ؟

6639 - وسيأتي هذا الحديث في موضعه من هذا الكتاب .

6640 - وما أعلم خلافا في جواز قراءة القرآن على غير وضوء ما لم يكن حدثه جنابة .

6641 - وروى علي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يحجزه عن قراءة القرآن شيء إلا الجنابة .

6642 - رواه الأعمش ، وشعبة ، وابن أبي ليلى ، ومسعر ، والثوري ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن علي .

6643 - وروي مثله ومعناه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عبد الله بن مالك الغافقي ، وحكيم بن حزام .

6644 - على هذا جمهور العلماء من السلف والخلف .

6645 - وقد شذت فرق فأجازت قراءته جنبا وهي محجوجة بالسنة وأقاويل علماء الأمة .

6646 - وأما الاختلاف في مس المصحف على غير طهارة فسيأتي [ ص: 248 ] في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى .

6647 - وفيه : رد على من لم يجز للمصلي أن يؤم أحدا إلا أن ينوي الإمامة مع الإحرام ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينو إمامة ابن عباس ، وقد قام إلى جنبه مؤتما به ، فأقره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسلك به سنة الإمامة إذ نقله عن شماله إلى يمينه .

6648 - وفي هذه المسألة أقوال .

6649 - أحدها هذا وقد ذكرنا فساده .

6650 - وقال آخرون : جائز لكل من افتتح الصلاة وحده أن يكون إماما لمن ائتم به في تلك الصلاة وإن لم ينو ذلك عند افتتاحها ; لأن الإمامة والجماعة في الصلاة فعل خير لم يمنع الله منه ولا رسوله ولا اتفق الجميع عليه .

6651 - وقال آخرون : أما المؤذن والإمام إذا أذن فقد دعا الناس إلى الصلاة ثم انتظر فلم يأته أحد ، فتقدم وصلى وحده ، فدخل رجل فجائز له أن [ ص: 249 ] يدخل معه في صلاته ويكون إمامه ; لأنه قد دعا الناس إلى الصلاة ونوى الإمامة .

6652 - والقول في هذا الحديث كالقول فيما مضى من صلاته صلى الله عليه وسلم .

6653 - وأما قوله : فصلى ركعتين ثم ركعتين ، فمحمول عندنا على أنه كان يجلس في كل ركعتين ويسلم ، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - : " صلاة الليل مثنى مثنى " وبما ذكرنا في حديث عائشة من أنه كان يسلم في كل ركعتين من صلاته بالليل . وقوله فيه بعد ثنتي عشرة ركعة : ثم أوتر ، دليل على أن الوتر واحدة منفصلة مما قبلها .

6654 - وسنبين ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى .

6655 - وأما قوله فيه : ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن فصلى ركعتين خفيفتين ، فقد ذكرنا معنى الاضطجاع بعد الوتر ومن جعله بعد ركعتي الفجر وما في ذلك للعلماء ، فلا وجه لإعادته هنا .

6656 - ورواية مالك في رواية ابن عباس هذا بمعنى روايته في حديث عائشة على ما وصفنا في هذا الباب .

6657 - وأما قول ابن عباس في هذا الحديث : فقمت إلى جنبه - يعني إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم - فوضع يده اليمنى على رأسي وأخذ بأذني يفتلها ، فمعناه أنه قام عن يساره فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعله عن يمينه .

6658 - وهذا المعنى لم يقمه مالك في حديثه . وقد ذكره أكثر رواة هذا الحديث عن كريب .

6659 - وقد ذكرنا الروايات بذلك في " التمهيد " من طرق كثيرة من حديث مخرمة بن سليمان ، وعمرو بن دينار ، وسلمة بن كهيل ، وحبيب بن أبي ثابت كلهم عن كريب عن ابن عباس .

[ ص: 250 ] 6660 - ومن حديث سعيد بن جبير أيضا ، عن ابن عباس .

6661 - وكلهم يصف المعنى الذي ذكرنا وهي سنة مسنونة مجتمع عليها في الإمام إذا قام معه واحد أنه لا يقوم إلا عن يمينه .

6662 - واختلفوا في الاثنين مع الإمام وسيأتي ذكر ذلك في موضعه من هذا الكتاب .

6663 - واحتجوا إذا كانوا ثلاثة سوى الإمام أنهم يقومون خلفه ، وقيل : إنه إنما فتل أذنه ليذكر ذلك ولا ينساه ، وقيل ليذهب نومه .

التالي السابق


الخدمات العلمية