ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في تلك الساعات .
950 - هكذا ترجمة هذا الباب في الموطأ عند جماعة الرواة ، وكانت حقيقته أن يقال فيه : باب النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها ، ثم يذكر النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر .
[ ص: 357 ] 951 - تابع يحيى على قوله في هذا الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=5152عبد الله الصنابحي جمهور الرواة ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي وغيره .
952 - قال فيه مطرف : عن مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار ، عن nindex.php?page=showalam&ids=5152أبي عبد الله الصنابحي ، وتابعه إسحاق بن عيسى الطباع ، وطائفة ، وهو الصواب .
953 - وهو أبو عبد الله الصنابحي ، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة ، وقد ذكرنا في " التمهيد " خبره ، وأنه من كبار التابعين لا صحبة له .
[ ص: 358 ] [ ص: 359 ] [ ص: 360 ] [ ص: 361 ] 954 - وروينا عنه أنه قال : لم يكن بيني وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا خمس ليال توفي وأنا بالجحفة ، فقدمت وأصحابه متوافدون .
956 - واضطرب nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين في حديث الصنابحي هذا ، فمرة قال : يشبه أن تكون له صحبة ، ومرة قال : أحاديثه مرسلة ليس له صحبة ، وهذا هو الصحيح ، وقد أوضحنا هذا المعنى عند ذكر هذا الحديث .
[ ص: 362 ] 957 - وأحاديث الصنابحي التي في الموطأ مشهورة ، جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق شتى من حديث أهل الشام ، وممن رواها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=81عمرو بن عبسة ، nindex.php?page=showalam&ids=481وأبو أمامة الباهلي ، nindex.php?page=showalam&ids=27وعقبة بن عامر ، ومرة بن كعب البهزي ، وقد ذكرناها بطرقها في " التمهيد " .
959 - ( أحدهما ) : أن ذلك اللفظ على الحقيقة ، فإنها تطلع وتغرب على قرن الشيطان ، وعلى رأس الشيطان ، وبين قرني شيطان على ظاهر الحديث حقيقة لا مجازا من غير تكييف ; لأنه لا يكيف ما لا يرى .
962 - وقد ذكرنا إسناد حديث عكرمة هذا في " التمهيد " .
963 - وقال آخرون : معنى هذا الحديث عندنا على المجاز واتساع الكلام ، وأنه أريد بقرن الشيطان هنا أمة تعبد الشمس وتسجد لها وتصلي في حين غروبها وطلوعها ، تقصد بذلك الشمس من دون الله .
964 - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكره التشبه بالكفار في شيء من أمورهم ، ويحب مخالفتهم ، فنهى عن الصلاة في هذه الأوقات لذلك .
965 - وهذا التأويل جائز في لغة العرب ، معروف في لسانها ; لأن الأمة تسمى عندهم قرنا ، والأمم قرونا .
975 - وحديث أبي أمامة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل حديث nindex.php?page=showalam&ids=81عمرو بن عبسة ، وكلها بأحسن سياقة في " التمهيد " .
976 - وأجمع العلماء على أن نهيه - عليه السلام - عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها صحيح غير منسوخ ، وأنه لم يعارضه شيء ، إلا اختلفوا في تأويله ومعناه :
977 - فقال علماء الحجاز : مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وغيرهما : معناه المنع من صلاة النافلة دون الفريضة ، ودون الصلاة على الجنازة ، وهذه جملة قولهم .
978 - وقال أهل العراق ، والكوفيون ، وغيرهم : كل صلاة : نافلة ، أو فريضة ، أو على جنازة فلا تصلى عند طلوع الشمس ولا عند غروبها ولا عند استوائها ; لأن الحديث لم يخص نافلة من فريضة إلا عصر يومه ; لقوله - عليه السلام : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951729من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر " .
[ ص: 367 ] 979 - ولهم حجج قد ذكرناها في صدر هذا الكتاب ، وقد مضى الرد عليهم فيما ذهبوا إليه من ذلك فيما تقدم من هذا الكتاب .
980 - وقد ردوا ظاهر الحديث إذ قالوا ببعضه ، ودفعوا بتأويلهم بعضه ; لأن الحديث جمع الصبح والعصر ، وهم قالوا : عصر يومه دون صبح يومه ، وزعموا أن مدرك ركعة من العصر يخرج إلى وقت تباح فيه الصلاة وهو بعد المغرب ، ومدرك ركعة من الصبح يخرج من الثانية إلى الوقت المنهي عنه وهو الطلوع .
982 - وعلى هذا التأويل تكون الأحاديث مستعملة كلها في هذا الباب ، فلا يرد بعضها ببعض ; لأن علينا في الكل الاستعمال ما وجدنا إلى ذلك سبيلا ، ولا يقطع بنسخ شيء من القرآن إلا بدليل لا معارض له ، أو إجماع .
983 - وأما اختلاف العلماء في الصلاة عند الاستواء : فإن مالكا وأصحابه لا بأس بالصلاة عندهم نصف النهار إذا استوت الشمس في وسط السماء ، لا في يوم جمعة ولا غيره ، ولا أعرف هذا النهي وما أدركت أهل الفضل إلا وهم يسجدون ويصلون نصف النهار .
[ ص: 368 ] 984 - وهذا ما حكى عنه ابن القاسم وغيره : أنه لم يعرف النهي في ذلك ، وفي موطئه الذي قرئ عليه إلى أن مات - النهي عن الصلاة إذا استوت الشمس في حديث الصنابحي ; لقوله فيه : " فإذا استوت قارنها " ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في تلك الساعات .
985 - وقد روي عن مالك أنه قال : لا أكره التطوع نصف النهار ولا أحبه ، ويدل قوله هذا على أنه لم يصح عنده حديث nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم هذا ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار ، عن الصنابحي في ذلك ، والله أعلم .
986 - وما أدري ما هذا ؟ وهو يوجب العمل بمراسيل الثقات ، ورجال هذا الحديث ثقات ، وأحسبه مال في ذلك إلى حديثه عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن [ ص: 369 ] ثعلبة بن أبي مالك القرظي : " أنهم كانوا في زمن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب يصلون يوم الجمعة حتى يخرج nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب " ومعلوم أن خروج عمر كان بعد الزوال ، بدليل حديث طنفسة عقيل . وقد مضى ذلك في صدر الكتاب .
987 - فإذا كان خروج عمر بعد الزوال ، وكانت صلاتهم إلى خروجه ، فقد كانوا يصلون وقت استواء الشمس ، وإلى هذا ذهب مالك ; لأنه عمل معمول به في المدينة لا ينكره منكر .
988 - ومثل هذا العمل عنده أقوى من خبر الواحد ، فلذلك صار إليه ، وعول عليه .
989 - ويوم الجمعة وغير الجمعة عنده سواء ; لأن الفرق بينهما لم يصح عنده في أثر ولا نظر .
[ ص: 370 ] 990 - وممن رخص أيضا في الصلاة نصف النهار : nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، ورواية عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس تخصيص يوم الجمعة .
991 - وقال أبو يوسف ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأصحابه : لا بأس بالتطوع نصف النهار يوم الجمعة خاصة ، وهي أيضا رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، وأهل الشام .
993 - قال أبو عمر : إبراهيم بن محمد هذا هو ابن أبي يحيى ، وإسحاق هذا هو ابن أبي فروة ، وهما متروكان ليس فيما ينقلانه ويرويانه حجة .
[ ص: 371 ] 994 - ولكن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي احتج مع حديث ابن أبي يحيى بحديث مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي المذكور ، وقال : النهي عن الصلاة عند استواء الشمس صحيح ، إلا أنه خص منه يوم الجمعة بما روي من العمل المستفيض في المدينة في زمان عمر وغيره من الصلاة يوم الجمعة حتى يخرج عمر ، وبما رواه ابن أبي يحيى وغيره مما يعضده العمل المذكور . قال : والعمل في مثل ذلك لا يكون إلا توقيفا ، وإن كان حديث ابن أبي يحيى ضعيفا فإنه تقويه صحة العمل به .
995 - قال أبو عمر : قد روى nindex.php?page=showalam&ids=12436إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص ، عن nindex.php?page=showalam&ids=256السائب بن يزيد قال : كان عمر إذا خرج - يعني يوم الجمعة - ترك الناس الصلاة وجلسوا .
996 - ومعلوم أن خروج عمر إنما كان بعد الزوال ; لأنه بخروج الإمام يندفع الأذان .
997 - وكذلك في حديث nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي : " وأذن المؤذنون " .
999 - ومنهم من أوقفه على أبي قتادة ، ومثله لا يكون رأيا .
1000 - وقد ذكرنا هذين الحديثين بإسنادهما في " التمهيد " .
[ ص: 372 ] 1001 - وروى nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16446ابن طاوس ، عن أبيه قال : يوم الجمعة صلاة كله .
1002 - وكان nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح يكره الصلاة نصف النهار في الصيف ، ولا يكره ذلك في الشتاء .
1004 - وذكره عبد الرزاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن عطاء .
1004 - وقال أبو حنيفة ، ومحمد بن الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي ، nindex.php?page=showalam&ids=16418وعبد الله بن المبارك ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل : لا يجوز التطوع نصف النهار في شتاء ولا صيف ; لحديث الصنابحي ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=81عمرو بن عبسة ، ومن ذكرنا معهما في ذلك .
1006 - ولا يجوز عند أبي حنيفة وأصحابه أن تصلى فريضة فائتة ، ولا نافلة ، ولا صلاة سنة ، ولا على جنازة ، لا عند طلوع الشمس ولا عند غروبها ولا عند استوائها إلا ما ذكرنا عنهم في عصر يومه ، من أجل حديث الصنابحي وما كان مثله .
1007 - وقد مضى في هذا الباب وغيره من هذا الكتاب في ذلك ما يغني عن رده هاهنا .
1011 - وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم عن مالك : أن الصلاة على الجنائز جائزة في ساعات الليل والنهار ، وعند طلوع الشمس وغروبها واستوائها .
1012 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : لا يصلى على الجنازة إلا في مواقيت الصلاة ، وتكره الصلاة عليها نصف النهار ، وبعد العصر حتى تغيب الشمس ، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس .
1013 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد : لا يصلى على الجنازة في الساعات التي تكره فيها الصلاة .
1014 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : يصلى عليها ما دام في ميقات العصر ، فإذا ذهب عنهم ميقات العصر لم يصلوا عليها حتى تغرب الشمس .
1015 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يصلى على الجنائز في كل وقت ، والنهي عن الصلاة في تلك الساعات إنما هو عن النوافل المبتدأة والتطوع ، وأما عن صلاة فريضة أو سنة فلا ; لحديث قيس في ركعتي الفجر ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة في قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الركعتين اللتين تصليان بعد الظهر - بعد العصر .