35 - مالك ، عن عمرو بن يحيى المازني ، عن أبيه ؛ أنه قال nindex.php?page=showalam&ids=4804لعبد الله بن زيد بن عاصم ، وهو جد عمرو بن يحيى المازني ، وكان [ ص: 6 ] من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=951876هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله يتوضأ ؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=4804عبد الله بن زيد بن عاصم : نعم ، فدعا بوضوء . فأفرغ على يده ، فغسل يديه مرتين ، مرتين ثم تمضمض ، واستنثر ثلاثا . ثم غسل وجهه ثلاثا . ثم غسل يديه مرتين مرتين ، إلى المرفقين ؛ ثم مسح رأسه بيديه ، فأقبل بهما وأدبر ؛ بدأ بمقدم رأسه ، ثم ذهب بهما إلى قفاه ، ثم ردهما ، حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه ؛ ثم غسل رجليه .
[ ص: 7 ] 1122 - هكذا في " الموطأ " عند جميع رواته - فيما علمت - في إسناد هذا الحديث : " وهو جد عمرو بن يحيى في جده nindex.php?page=showalam&ids=4804عبد الله بن زيد بن عاصم " .
1123 - ولم يقل أحد من رواة هذا الحديث عن عمرو بن يحيى في nindex.php?page=showalam&ids=4804عبد الله بن زيد بن عاصم : وهو جد عمرو بن يحيى ؛ إلا مالك ، ولم يتابعه أحد على ذلك .
1124 - وهو عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني الأنصاري لا خلاف في ذلك .
1125 - ولجده أبي حسن صحبة فيما ذكر بعضهم على ما ذكرنا في كتاب " الصحابة " ، وعسى أن يكون جده لأمه .
[ ص: 8 ] 1126 - وقد ذكرنا طرق هذا الحديث في " التمهيد " واختلاف رواته في سياقته وألفاظه .
1127 - وليس عند nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي في الموطأ .
1128 - وذكره nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون في المدونة بألفاظ لا تعرف لمالك في إسناده ولا متنه .
[ ص: 9 ] 1192 - وقد أوضحنا معنى ذلك كله في " التمهيد " ، والحمد لله .
1131 - فجملة قول مالك في ذلك أنه كره أن يدخل أحد يديه في وضوئه قبل أن يغسلهما إذا كان محدثا ، وإن كانت يده طاهرة لم يضر ذلك وضوءه .
1132 - هذا هو المشهور عنه ، والمعروف من مذهبه فيما روى عنه ابن القاسم ، وابن وهب ، وأشهب ، وغيرهم ؛ إلا ما ذكره ابن وهب ، عن ابن القاسم عن مالك في الذي يستيقظ فيدخل يده في الإناء : أنه لا بأس بذلك .
1133 - وذكر عن ابن وهب ، وأصبغ أنهما كرها ذلك .
[ ص: 10 ] 1134 - وقال ابن وهب : ليس على المتوضئ غسل يده إذا كانت طاهرة ، وكانت بحضرة الوضوء .
1135 - وسنورد ما للعلماء في هذا المعنى مستوعبا في باب وضوء النائم إن شاء الله .
1136 - وأما قوله : ثم مضمض واستنثر ثلاثا ، فالثلاث في ذلك في سائر الأعضاء أكمل الوضوء وأتمه ، وما زاد فهو اعتداء ما لم تكن الزيادة لتمام نقصان ، وهذا لا خلاف فيه .
1138 - وحسب المتمضمض أخذ الماء من اليد بفيه وتحريكه متمضمضا به ، وطرحه عنه . فإن فعل ذلك ثلاثا فقد بلغ غاية الكمال .
1139 - وأما الاستنثار فهو : دفع الماء من الأنف ، والاستنشاق : أخذه بريح الأنف .
1140 - وهما كلمتان مرويتان في الآثار المرفوعة وغيرها ، متداخلتان في المعنى ، وأهل العلم يعبرون بالواحدة عن الأخرى .
1141 - وقد ذكرنا الآثار الواردة بهما في " التمهيد " .
1142 - فأما اختلاف العلماء في حكمهما فإن مالكا nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأصحابهما يقولون : المضمضة والاستنثار سنة لا فريضة ، لا في الوضوء ولا في الجنابة .
1143 - وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد .
1144 - وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير الطبري .
1145 - وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، nindex.php?page=showalam&ids=13283وابن شهاب ، nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم بن عتيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى بن سعيد ، وقتادة .
[ ص: 12 ] 1146 - فمن توضأ ولم يأت بهما ولا عملهما في وضوئه وصلى فلا إعادة عليه عند واحد من هؤلاء العلماء .
1147 - وحجة من لم يوجبهما أن الله لم يذكرهما في كتابه ولا أوجبهما رسوله ، ولا اتفق الجميع على إيجابهما . والفرائض لا تثبت إلا من هذه الوجوه .
1148 - وقال أبو حنيفة وأصحابه ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري : هما فرض في الجنابة ، وسنة في الوضوء فإن تركهما في غسله من الجنابة وصلى أعاد كمن ترك لمعة ومن تركهما في وضوئه فلا شيء عليه .
1151 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان : هما فرض في الغسل والوضوء جميعا ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه .
1152 - وروي عن عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري مثل ذلك أيضا ، وروي عنهما مثل قول مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
[ ص: 13 ] 1153 - وكذلك اختلف أصحاب داود : فمنهم من قال : هما فرض في الغسل والوضوء جميعا ، ومنهم من قال : إن المضمضة سنة والاستنشاق فرض .
1154 - وكذلك اختلف عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل على هذين القولين المذكورين عن داود وأصحابه .
1155 - ولم يختلف قول nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور ، وأبي عبيد أن المضمضة سنة والاستنشاق واجب . قالا : من ترك الاستنشاق وصلى أعاد ، ومن ترك المضمضة لم يعد .
1156 - وكذلك القول عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في رواية . وعند أصحاب داود أيضا مثله .
1160 - ولم يحفظ أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ترك المضمضة والاستنشاق في وضوئه ولا غسله للجنابة ، وهو المبين عن الله عز وجل مراده .
1161 - وقد بين أن مراد الله بقوله : فاغسلوا وجوهكم المضمضة والاستنشاق مع غسل سائر الوجه .
1162 - وحجة من فرق بين المضمضة والاستنشاق أن النبي - عليه السلام - فعل المضمضة ولم يأمر بها ، وأفعاله مندوب إليها ليست بواجبة إلا بدليل .
[ ص: 14 ] 1163 - وفعل عليه السلام الاستنثار وأمر به ، وأمره على الوجوب إلا أن يستبين غير ذلك من مراده .
1164 - وهذا على أصلهم في ذلك ، ولكل واحد منهم اعتلالات وترجيحات يطول ذكرها .
1165 - وأما غسل الوجه ثلاثة على ما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد هذا فهو الكمال ، والغسلة الواحدة إذا أوعبت تجزئ بإجماع من العلماء ، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد توضأ مرة مرة ، ومرتين ، وثلاثة .
1166 - وهذا أكثر ما فعل من ذلك عليه السلام ، وتلقت الجماعة ذلك من فعله على الإباحة والتخيير في الثنتين والثلاث ، إلا إن ثبت أن شيئا من ذلك نسخ لغيره ، فقف على إجماعهم فيه .
1167 - قال ابن القاسم عن مالك : ليس في ذلك توقيت . قال الله تعالى : فاغسلوا وجوهكم ، ولم يوقت .
1168 - وذكر عنه nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم قال : لا أحب الاقتصار على اثنتين وإن عمتا .
1169 - والوجه مأخوذ من المواجهة ، وهو من منابت شعر الرأس إلى العارض والذقن والأذنين وما أقبل من اللحيين .
[ ص: 15 ] 1170 - واختلف في البياض الذي بين الأذنين والعارض ، فروى ابن وهب ، عن مالك قال : ليس ما خلف الصدغ الذي من وراء شعر اللحية إلى الأذن من الوجه .
1171 - وزعم عبد الوهاب أن مذهبه محمول في ذلك على أن غسل الوجه إلى العارض فرض ، وغسل ما بين العارض إلى الأذن سنة .
1173 - قال : فإن كان أمرد غسل بشرة وجهه كلها ، فإن نبتت لحيته وعارضاه أفاض على لحيته وعارضيه ، وإن لم يصل الماء إلى بشرة وجهه التي تحت الشعر أجزأه إذا كان شعره كثيرا .
1174 - قال أبو عمر : قد أجمعوا أن ليس على المتيمم أن يمسح ما تحت عارضيه فقضى إجماعهم في ذلك على مراد الله منه ، لأن الله أمر المتيمم بمسح وجهه ، كما أمر المتوضئ بغسله .
[ ص: 16 ] 1175 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : غسل الوجه من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن وإلى أصول الأذنين ، ويتعاهد البياض الذي بين العارض والأذن .
1176 - وقال أبو حنيفة وأصحابه : البياض الذي بين العذار والأذن - من الوجه ، وغسله واجب .
1177 - قال أبو عمر : في اختلاف العلماء بالمدينة وغيرها قديما فيما أقبل من الأذنين هل هو من الرأس أو من الوجه ما يوضح أن البياض الذي بين الأذنين والعارض من الوجه .
1178 - وسأذكر اختلاف العلماء في الأذنين في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله .
1179 - قرأت على محمد بن عبد الله بن حكم قال : حدثنا محمد بن معاوية قال ، حدثنا الفضل بن الحباب القاضي بالبصرة قال ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11928أبو الوليد الطيالسي قال ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16833قيس بن الربيع عن جابر بن هرمز قال : سمعت عليا يقول ابلغ بالوضوء مقاص الشعر .
1180 - واختلف في تخليل اللحية والذقن ، فذهب مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي أن تخليل اللحية ليس بواجب في الوضوء .
1181 - وقال مالك ، وأكثر أصحابه ، وطائفة من أهل المدينة : ولا في غسل الجنابة .
[ ص: 17 ] 1182 - وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم عن مالك أن الجنب يخلل لحيته ، ويستحب ذلك له ، وليس ذلك على المتوضئ .
1183 - قال : وكان رسول الله يخلل أصول شعره في غسله من الجنابة .
1184 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، وأبو عبيد ، وداود ، nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري ، " ومن قال بقوله " : تخليل اللحية في غسل الجنابة واجب ، وهذا على من احتاج إلى ذلك لكثرة شعره ليصل الماء إلى بشرته .
1185 - وأظن مالكا ومن قال بقوله ذهبوا إلى أن الشعر لا يمنع من وصول الماء .
1186 - وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم عن مالك قال : ويحرك اللحية في الوضوء إن كانت كثيرة ، ولا يخللها .
1187 - قال : وأما في الغسل فليحركها وإن صغرت ، وتخليلها أحب إلينا .
1191 - وروى أبو فروة موسى بن طارق قال : سمعت مالكا يذكر تخليل اللحية فيقول : يكفيها ما مسها من الماء مع غسل الوجه ، ويحتج في ذلك بحديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد : لم يذكر فيه تخليل اللحية .
1192 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : ليس تحريك اللحية وتخليل العارضين بواجب .
1193 - وقال ابن خواز بنداذ : اتفق الفقهاء على أن تخليل اللحية ليس بواجب في الوضوء ، إلا شيئا روي عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير .
1194 - قال أبو عمر : الذي روى عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير قوله : ما بال الرجل يغسل لحيته قبل أن تنبت ، فإذا نبتت لم يغسلها ؟ وما بال الأمرد يغسل ذقنه ، ولا يغسله ذو اللحية ؟ .
1195 - وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خلل لحيته في وضوئه من وجوه كلها ضعيفة .
1196 - وأما الصحابة والتابعون فروي عن جماعة منهم تخليل اللحية وأكثرهم لم يفرقوا بين الوضوء والجنابة . وروي عن جماعة منهم الرخصة في ترك تخليل اللحية .
1197 - وإيجاب غسل ما تحت اللحية مع الاختلاف فيه دون دليل قاطع فيه لا يصح ، ومن احتاط فخلل لم يعب .
[ ص: 19 ] 1198 - قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : التيمم واجب فيه مسح اللحية ، ثم سقط بعد هذا عندهم جميعهم ، فكذلك الوضوء .
1199 - وأما ما انسدل من اللحية فذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ، عن ابن القاسم ، قال : سمعت مالكا يسأل : هل سمعت بعض أهل العلم يقول : إن اللحية من الوجه . . . . . الماء ؟ قال : نعم . قال : وتخليلها في الوضوء ليس من أمر الناس ، وعاب ذلك على من فعله .
1201 - واختلف قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فيما انسدل من شعر اللحية ، فقال مرة : أحب إلي أن يمر الماء على ما سقط من اللحية على الوجه ، فإن لم يفعل ففيها قولان : يجزئه في أحدهما ، ولا يجزئه في الآخر لأنه لا يجعل ما سقط من منابت شعر الوجه - من الوجه . يعني بقوله : ما سقط : ما انسدل .
1202 - قال أبو عمر : من جعل غسل ما انسدل من اللحية واجبا جعلها وجها ، والله قد أمر بغسل الوجه أمرا مطلقا ، لم يخص صاحب لحية من أمرد ، فكل ما وقع عليه اسم وجه فواجب غسله ، لأن الوجه مأخوذ من المواجهة وغير ممتنع أن تسمي اللحية وجها فوجب غسلها لعموم الظاهر .
1203 - ومن لم يوجب غسل ما انسدل من اللحية ذهب إلى أن الأصل المأمور بغسله بشرة الوجه ، وإنما وجب غسل اللحية لأنها ظهرت فوق البشرة حائلة دونها ، وصارت البشرة باطنا ، وصار الظاهر هو شعر اللحية ، فوجب [ ص: 20 ] غسلها بدلا من البشرة . وما انسدل من اللحية ليس لحية فما يلزم غسله ، فيكون غسل اللحية بدلا منه ، كما أن جلد الرأس مأمور بغسله أو مسحه ، فلما نبت الشعر ناب مسح الشعر عن مسح جلدة الرأس ، لأنه ظاهر ، فهو بدل منه . وما انسدل من الرأس وسقط فليس تحته بشرة يلزم مسحها . ومعلوم أن الرأس المأمور بمسحه ما علا ونبت فيه الشعر ، وما سقط من شعره وانسدل فليس برأس ، وكذلك ما انسدل من اللحية ليس ، بوجه والله أعلم .
1204 - ولأصحاب مالك أيضا في هذه المسألة قولان كأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي سواء ، والله أعلم .
1207 - وروى nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه توضأ مرة مرة ، وهو أقل ما يجزئ إذا كانت سابغة . وقد مضى القول في هذا المعنى .
[ ص: 21 ] 1208 - وقد أجمعوا على أن الأفضل أن يغسل اليمنى قبل اليسرى ، وأجمعوا على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذلك كان يتوضأ ، وكان - عليه السلام - يحب التيامن في أمره ، كما في طهوره وغسله وغير ذلك من أموره .
1210 - وروينا عن علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود أنهما قالا : لا نبالي بأي ذلك بدأنا .
1211 - قال nindex.php?page=showalam&ids=17126معن بن عيسى : سألت عبد العزيز بن أبي [ ص: 22 ] سلمة عن إجالة الخاتم عند الوضوء . قال : إن كان ضيقا فأجله ، وإن كان واسعا فأقره .
[ ص: 23 ] 1212 - قال : وقال مالك ليس عليه ذلك .
1213 - وقال محمد بن عبد الحكم كقول محمد بن أبي سلمة .
1214 - وأما إدخال المرفقين في الغسل فعلى ذلك أكثر العلماء ، وهو مذهب مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأحمد ، وأبي حنيفة ، وأصحابه .
1215 - إلا زفر ، فإنه اختلف عنه في ذلك : فروي عنه أنه يجب غسل المرافق مع الذراعين ، وروي عنه أنه لا يجب ذلك . وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ، وبعض أصحاب مالك المتأخرين ، وبعض أصحاب داود .
1216 - فمن أوجب غسلها حمل قوله : " وأيديكم إلى المرافق " [ المائدة : 6 ] على أن " إلى " هاهنا بمعنى الواو ، أو بمعنى مع ، فتقدير قوله ذلك عندهم : وأيديكم والمرافق أو مع المرافق .
[ ص: 24 ] 1217 - واحتج بعضهم بقوله تعالى : " من أنصاري إلى الله " [ الصف : 14 ] ، أي مع الله .
1219 - وأنكر بعض أهل اللغة أن تكون ( إلى ) بمعنى الواو ، وبمعنى ( مع ) .
1220 - وقال : لو كان كذلك لوجب غسل اليدين من أطراف الأصابع إلى أصل الكتف .
1221 - وقال : لا يجوز أن تخرج ( إلى ) عن معناها ، وذلك أنها بمعنى الغاية أبدا .
1222 - وقال : جائز أن تكون ( إلى ) هاهنا بمعنى الغاية ، وتدخل المرافق في الغسل ؛ لأن الثاني إذا كان من الأول كان ما بعد ( إلى ) داخلا فيما قبله ، فدخلت المرافق في الغسل لأنها من اليدين ، ولم يدخل الليل في الصيام بقوله : " ثم أتموا الصيام إلى الليل " [ البقرة : 187 ] ؛ لأن الليل ليس من النهار ، كأنه يقول : ما كان من الجنس دخل الحد منه في المحدود ، وما لم يكن من الجنس لم يدخل في المحدود منه حده .
1223 - ومن لم يوجب غسلها حمل ( إلى ) على الغاية ، كقوله : و " أتموا الصيام إلى الليل " . وليس بشيء مما قدمنا من الحجة لقول الجمهور الذين لا يجوز عليهم جهل التأويل ولا تحريفه ، لأن القائلين بسقوط إدخال المرفقين في غسل الذراعين قليل ، وقولهم في ذلك كالشذوذ . ومن غسل المرفقين مع الذراعين فقد أدى فرضه بيقين ، واليقين في أداء الفرائض واجب .
[ ص: 25 ] 1224 - وأما المسح بالرأس فقد أجمعوا أن من مسح برأسه كله فقد أحسن وعمل أكمل ما يلزمه .
[ ص: 26 ] 1225 - على أنهم قد أجمعوا على أن اليسير لا يقصد إلى إسقاطه متجاوز عنه لا يضر المتوضئ .
1226 - وجمهورهم يقول بمسح الرأس مسحة واحدة موعبة كاملة لا يزيد عليها ، إلا nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فإنه قال : من توضأ ثلاثا مسح رأسه ثلاثا على ظاهر الحديث في أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثا .
1229 - وروي مسح الرأس ثلاثا عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وغيرهم .
1230 - وكان nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين يقول : يمسح رأسه مرتين . وكان مالك يقول في مسح الرأس : يبدأ بمقدم رأسه ثم يذهب بيديه إلى مؤخره ، ثم يردهما إلى مقدمه على حديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد .
1231 - قال : وهو أبلغ ما سمعت في مسح الرأس وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد أحسن ما جاء في مسح الرأس .
1232 - وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كان يبدأ من وسط رأسه ويدير ويعيد إلى حيث بدأ .
1233 - وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد : " بدأ بمقدم رأسه " وهو الذي ينبغي أن يمتثل ويحمل عليه .
1241 - وأجمع العلماء أن من عم رأسه بالمسح فقد أدى ما عليه ، وأتى بأكمل شيء فيه ، وسواء بدأ بمقدم رأسه أو بوسطه أو بمؤخره ، وإن كان لم يفعل ما استحب منه .
1243 - فقال مالك : الفرض مسح جميع الرأس ، فإن ترك شيئا منه كان كمن ترك غسل شيء ، من وجهه . هذا هو المعروف من مذهب مالك .
1244 - وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية . قال nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية : قد أمر الله تعالى بمسح الرأس في الوضوء كما أمر بمسح الوجه في التيمم ، وأمر بغسله في الوضوء .
1246 - وقد أجمعوا على أن الرأس يمسح كله ، ولم يقل أحد : إن مسح بعضه سنة ، وبعضه فريضة فدل على أن مسحه كله فريضة .
1247 - واحتج إسماعيل وغيره من أصحابنا على وجوب العموم في مسح الرأس بقوله تعالى : " وليطوفوا بالبيت العتيق " [ الحج : 29 ] ، وقد أجمعوا أنه لا يجوز الطواف ببعضه ، فكذلك مسح الرأس .
1248 - والمعنى في قوله : " وامسحوا برءوسكم " أي : امسحوا رؤوسكم . ومن مسح بعض رأسه فلم يمسح رأسه .
1249 - واختلف أصحاب مالك في ذلك : فقال أشهب : يجوز مسح بعض الرأس .
1250 - وذكر أبو الفرج ، قال : اختلف متأخرو أصحابنا في ذلك ، فقال بعضهم ، لا بد أن يمسح كل الرأس أو أكثره وإذا مسح أكثره أجزأه .
1251 - قال : وقال آخرون : إذا مسح الثلث فصاعدا أجزأه .
[ ص: 31 ] 1252 - قال : وهذا أشبه القولين عندي وأولاهما من قبل أن الثلث فما فوقه قد جعله مالك في حيز الكثير في غير موضع من كتبه ومذهبه .
1253 - وزعم الأبهري أنه لم يقل أحد من أصحاب مالك ما ذكره [ ص: 32 ] أبو الفرج عنهم ، فإن المعروف nindex.php?page=showalam&ids=17024لمحمد بن مسلمة ومن قال بقوله : أن الممسوح من الرأس إن كان المتروك الأقل جاز على أصل مالك في أن الثلث عنده قدر يسير في كثير من مسائله .
1254 - قال أبو عمر : ما ذكره أبو الفرج والأبهري عن محمد بن مسلمة كلاهما خارج عن أصول مالك في الثلث ، فمرة يجعله حدا في اليسير ، ومرة في الكثير .
1255 - وأما nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فقال : الفرض مسح بعض الرأس . وقال : احتمل قوله عز وجل : " وامسحوا برءوسكم " مسح بعض الرأس ومسح جميعه ، فدلت السنة على أن يجزئ .
[ ص: 33 ] 1256 - وقال في موضع آخر من كتابه : فإن قيل : مسح الوجه في التيمم يدل على عموم غسله ، فلا بد أن يأتي بالمسح على جميع موضع الغسل منه . ومسح الرأس أصل فهذا فرق ما بينهما .
1257 - قال أبو عمر : السنة التي ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنها دلت على أن مسح بعض الرأس يجزئ هي مسحه بناصيته - عليه السلام - . والناصية مقدم الرأس فقط .
1258 - جاء ذلك في آثار كثيرة ، منها ما أخبرناه nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ قال ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15396أحمد بن زهير قال ، حدثنا أبي قال ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13382إسماعيل بن علية عن أيوب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ، عن عمرو بن وهب قال : كنا عند nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة فقال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951883مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بناصيته .
1259 - وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=15558بكر المزني ، عن الحسن ، عن ابن المغيرة ، عن أبيه عن النبي - عليه السلام - مثله .
[ ص: 34 ] 1260 - ومن حديث أنس عن النبي - عليه السلام - مثله .
1261 - ذكرهما أبو داود . وقد ذكرتهما بإسنادهما في التمهيد .
1262 - وقال أبو حنيفة وأصحابه : إن مسح المتوضئ بعض رأسه أجزأه ، ويبدأ بمقدم رأسه إلى مؤخره .
1263 - واختلف أصحاب داود : فقال بعضهم : مسح الرأس كله واجب فرضا كقول مالك ، وقال بعضهم : المسح ليس شأنه الاستيعاب في لسان العرب والبعض يجزئ .
1263 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد : يجزئ مسح بعض الرأس ، ويمسح المقدم . وهو قول داود وأحمد .
1264 - وقد قدمنا عن جميعهم أن مسح جميع الرأس أحب إليهم .
1265 - وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=119وسلمة بن الأكوع يمسحان مقدم رءوسهما .
[ ص: 35 ] 1267 - وعن جماعة من التابعين إجازة مسح بعض الرأس ، ذكر ذلك عنه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة وعبد الرزاق .
1269 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : إن مسح بإصبع واحد أجزأه ، وإن مسح بأقل من ذلك لم يجزئه .
1270 - واتفق مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأبو حنيفة على أن الرأس يجزئ مسحه إلا بماء جديد يأخذه له المتوضئ ، كما يأخذه لسائر الأعضاء .
1277 - وأجمع العلماء أن غسلة واحدة في الرجلين وسائر أعضاء الوضوء تجزئ إذا كانت سابغة . وإذا أجزأت المرة الواحدة في الوجه والذراعين فأحرى أن تجزئ في الرجلين ؛ لأنهما عند بعض العلماء ممسوحتان ، وهما في التيمم مع الرأس يسقطان .