مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : "
ومن بلغت صدقته جذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسرتا عليه أو عشرين درهما ، فإذا بلغت عليه الحقة وليست عنده حقة وعنده جذعة فإنه تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين " ( قال
الشافعي ) حديث
أنس بن
مالك ثابت من جهة حماد بن سلمة وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وروي عن
ابن عمر أن هذه نسخة كتاب عمر في الصدقة التي كان يأخذ عليها ، فحكي هذا المعنى من أوله إلى قوله " ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة " ( قال
الشافعي ) وبهذا كله نأخذ " .
[ ص: 85 ] قال
الماوردي : وهو صحيح .
وأصله أن من وجبت الفريضة في ماله وليست عنده ، فله الصعود في السن والأخذ أو النزول والرد . وقال
مالك : " عليه أن يبتاع الفرض الواجب عليه " ، والدلالة عليه رواية
أنس بن
مالك قال : كان في كتاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه : ومن بلغت صدقته جذعة وليست عنده وعنده حقة أخذت منه ، ويجعل معها إن استيسر شاتين ، أو عشرين درهما ، ومن بلغت صدقته حقة وليست عنده وعنده جذعة أخذها وأعطاه المصدق شاتين ، أو أعطاه المصدق عشرين درهما ، وذكر مثل هذا في كل فريضة ، ولأن أمر الزكاة مبني على المواساة والرفق برب المال والمساكين ، فإذا لم يكن الفرض موجودا في ماله جعل له الصعود والنزول تخفيفا عليه ورفقا به ، إذ في تكليفه ابتياع الفرض مشقة لاحقة ، فإذا ثبت جواز الصعود في السن والأخذ والنزول فيها والرد ، فالواجب في كل سن شاتان أو عشرون درهما وبه قال كافة الفقهاء إلا ما حكي عن حماد بن أبي سليمان وهو قول علي عليه السلام : أنه أوجب في كل سن شاتين ، أو عشرة دراهم خلفا بأن نصاب الدراهم لما كان مائتي درهم ونصاب الغنم أربعين كانت قيمة كل شاة منها خمسة دراهم ، فوجب أن تكون الشاتان في مقابلة عشرة دراهم . وهذا مذهب يدفعه نص الحديث الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على ما رويناه عن
أنس بن
مالك فكان مطرحا ، وليس نصب الزكوات بعضها مقدرا بقيمة بعض ؛ لأن نصاب البقر ثلاثون والغنم أربعون ، وقد تقرر أن البقرة في الشرع مقدرة في الضحايا بسبع من الغنم ، ونصاب الإبل خمس ، وهي في الضحايا كالبقر ، فعلم بذلك فساد اعتباره وعدوله عن النص لسوء اختياره .