مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولا شيء في زيادتها حتى تبلغ مائتين فإذا بلغتها فإن كانت أربع حقاق منها خيرا من خمس بنات لبون أخذها المصدق وإن كانت خمس بنات لبون خيرا منها أخذها لا يحل له غير ذلك " .
قال
الماوردي : قد ذكرنا أن الإبل إذا بلغت مائتين إما أربع حقاق أو خمس بنات لبون ،
فإن لم يوجد في المال إلا أحد الفرضين أخذه المصدق ، وإن كان غيره أفضل منه ، لا يختلف مذهب
الشافعي وسائر أصحابه ، حقاقا كانت أو بنات لبون ، فأما إذا اجتمع الفرضان معا في المال : فمذهب
الشافعي أن الفرض في أحدهما إما أربع حقاق أو خمس بنات لبون وخرج بعض أصحابنا قولا ثانيا للشافعي من كلام ذكره في القديم : إن المصدق يأخذ الحقاق لا غير ، وليس تخريج هذا القول صحيحا ، بل مذهبه في القديم والجديد لم يختلف في جواز أخذ كل واحد من الفرضين مع وجود الآخر ، لتعليق النبي صلى الله عليه وسلم الفرض بهما ، ثم مذهب
الشافعي أن على المصدق أن يجتهد في أخذ أفضلهما ، فإن كانت الحقاق أفضل أخذها ، وإن كانت بنات لبون أفضل أخذها وليس لرب المال أن يمنعه .
[ ص: 94 ] وقال
أبو العباس بن سريج : الخيار إلى رب المال في دفع الحقاق إن شاء أو بنات اللبون إن شاء ، كما كان له الخيار فيما بين السنين بين شاتين أو عشرين درهما ، وما قاله
الشافعي أصح ؛ لأن المال إذا اشتمل على صنفين جيد ورديء لم يجز إخراج فرضه من الرديء ، ولزم إخراجه من الجيد ، كما لو اجتمع في ماله صحاح ومراض أو صغار وكبار ، فأما ما ذكره
أبو العباس بن سريج في الخيار على الدراهم ، أو الشاتين فالفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن العشرين درهما أو الشاتين متعلقة بذمة رب المال دون ماله ، ومن لزمه في الذمة أخذ حقتين كان مخيرا في دفع أيهما شاء ، والفرض في الحقاق أو بنات اللبون متعلق بالمال لا بالذمة ، فكان الخيار في الأخذ إلى مستحقه .
والثاني : أنه لما جاز لرب المال العدول إلى العشرين درهما أو الشاتين إلى ابتياع الفريضة الواجبة عليه كان مخيرا بين الدراهم أو الشاتين ، ولما لم يجز لرب المال العدول عن هذين الفرضين إلى غيرهما لم يكن مخيرا فيهما .