فصل : فإذا ثبت جواز أخذ السخلة من السخال فقد قال
الشافعي :
فجاء المصدق وهو أربعون جديا أو بهمة ، أو بين جدي وبهمة أو كان هذا في إبل ، فجاء المصدق وهي فصال ، أو في بقر وهي عجول ، أخذ من كل صنف من هذا ، فهذا قول
الشافعي ونصه ، ولم يختلف أصحابه أن محل الغنم يؤخذ منها سخلة ، ولم يكلف عنها كبيرة ، فلو كان ماله أربعين سخلة من نتاج يومها وحال حولها أخذت زكاتها سخلة منها ، ولو كانت مائة وإحدى وعشرين أخذت زكاتها سخلتان منها ، فأما الإبل إذا كانت فصالا والبقر إذا كانت عجولا ، ففيه لأصحابنا ثلاثة أوجه :
أحدها : وهو ظاهر نصه أنها كالغنم ، فيؤخذ من خمسة وعشرين فصيلا فصيل ، ومن ستة وثلاثين فصيلا فصيل ، ومن ستة وأربعين فصيلا فصيل ، ومن أحد وستين فصيلا فصيل ، ومن ست وسبعين فصيلا فصيلان ، ويؤخذ من ثلاثين عجلا عجل ، ومن أربعين عجلا عجل ، ومن ستين عجلا عجلان ، ومن سبعين عجلا عجلان ، ثم هكذا فيما زاد ونقص قياسا على الغنم .
[ ص: 123 ] والوجه الثاني : وهو قول
أبي العباس بن سريج وأبي إسحاق المروزي : أن حكم الإبل والبقر مخالف لحكم الغنم ، فلا يؤخذ من فصلان الإبل وعجول البقر فصيل ولا عجل بحال ، بل يؤخذ منها السن الواجب لقيمة ماله ، مثال ذلك : أن يكون معه خمس وعشرون بعيرا ، فالواجب فيها بنت مخاض فيقال : لو كانت كبارا وكانت قيمتها مائة دينار لوجب فيها بنت مخاض قيمتها خمسة دنانير ، وذلك نصف عشر المال فوجب إذا كانت فصالا قيمتها عشرون دينارا أن يؤخذ منها بنت مخاض قيمتها دينار ، لتكون الزكاة بقدر نصف عشر المال ، ثم كذلك البقر ، وفرقوا بين الغنم وبين الإبل والبقر ، بفرقين :
أحدهما : أن
أسنان فرائض الإبل والبقر منصوص عليه فلم يجز تركه لمخالفة النص ، وأسنان فرائض الغنم لم يرد النص به ، كوروده في الإبل والبقر ، فجاز تركه عند فقده .
والفرق الثاني : وهو العمدة : أن
فرائض الإبل والبقر تتغير بزيادة السن ،
وفرائض الغنم تتغير بزيادة العدد ، فلم يجز أن يؤخذ من صغار الإبل صغير ؛ لأن فيه تسوية بين قليل المال وكثيره ، وجاز أن يؤخذ من صغار الغنم صغير ، لأنه لا يستوي فرض قليل المال وكثيره ، وتأولوا قول
الشافعي على ما تمهد من أصوله وتقرر من مذهبه .
والوجه الثالث : وهو ضعيف : أن ما كان من الإبل يتغير فرضها بزيادة العدد لا بزيادة السن فهي كالغنم يؤخذ من صغارها صغير كالستة والسبعين والإحدى والتسعين ، وما كان منها يتغير فرضها بزيادة السن لا بزيادة العدد لم يؤخذ منها صغير ، كالستة والثلاثين والستة والأربعين ، ومنها مذهب لا يتحصل لوضوح فساده من الاعتبار والله أعلم .