الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا وضح ما ذكرنا وتمهد ما قررنا وكان مع رجل أربعون من الغنم لم يؤد زكاتها ثلاثة أحوال ، فإن قيل : إن الزكاة واجبة في العين وجوب استحقاق وملك ، فعليه شاة واحدة للسنة الأولى ولا شيء عليه للسنة الثانية والثالثة ؛ لنقصانها عن النصاب . وإن قيل : إن الزكاة وجبت في العين وجوبا مراعى نظرت فإن أخرج الزكاة من عين المال فعليه زكاة سنة واحدة ، وإن أخرج من غيره فعليه زكاة السنين الثلاث ، وإن قيل : إن الزكاة واجبة في الذمة ، فإن كان موسرا يملك غير هذه الغنم من عرض أو عقار فعليه ثلاث شياه للسنين الثلاث ، وإن كان لا يملك غير هذه الغنم ففي قدر ما عليه من الزكاة قولان مبنيان على اختلاف قوليه فيمن معه مائة درهم وعليه مثلها هل عليه زكاتها أم لا ؟ فعلى قوله في القديم : لا زكاة عليه ، فعلى هذا القول يخرج ثلاث شياه للسنين الثلاث ، فصار فيما يلزمه من زكاتها أربعة أقاويل .

أحدها : زكاة سنة واحدة .

والثاني : زكاة السنين الثلاث .

والثالث : إن أخرج الزكاة منها وجبت عليه الثلاث زكاة سنة واحدة ، وإن أخرجها من غيرها وجبت عليه زكاة السنين الثلاث .

والرابع : إن كان موسرا بغيرها وجبت عليه زكاة الثلاث سنين ، وإن كان معسرا بغيرها وجبت عليه زكاة سنة واحدة ، فلو كان معه خمسون شاة لم يؤد زكاتها ثلاثة أحوال فعليه ثلاث شياه على القولين سواء قيل : إن الزكاة في الذمة ، أو في العين لكمال النصاب بعد أداء الزكاة ، ولو كان معه أربعون من الغنم فلم يؤد زكاتها حتى حال الحول الأول فنتجت شاة ، ثم حال الحول الثاني فلم يؤد زكاتها حتى نتجت شاة ، ثم حال الحول الثالث فهذا عليه ثلاث شياه للسنين الثلاث على القولين معا ؛ لأن الشاة المستحقة في كل عام قد خلفتها شاة من النتاج ، والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية