فصل : إذا تقرر توجيه القولين وكان
المال المغصوب ماشية فلهذا أربعة أحوال .
أحدها : أن تكون معلوفة عند مالكها وغاصبها .
والثاني : أن تكون سائمة عند مالكها وغاصبها .
والثالث : أن تكون معلوفة عند مالكها سائمة عند غاصبها .
والرابع : أن تكون سائمة عند مالكها معلوفة عند غاصبها ، فإن كانت معلوفة عند المالك والغاصب فلا زكاة فيها قولا واحدا ، وإن كانت سائمة عند المالك والغاصب فلها حالان :
[ ص: 131 ] أحدهما : أن ترجع إلى المالك بلا در ولا نسل ، فهذه مسألة القولين ، فعلى قوله في القديم لا زكاة عليه ، وعلى قوله في الجديد عليه الزكاة .
والحالة الثانية : أن ترجع إليه بدرها ونسلها فعند
أبي العباس بن سريج أن عليه زكاتها قولا واحدا ؛ لأن علة القديم في سقوط الزكاة فقد النماء فاقتضى أن يكون وجود النماء موجبا لها ، وعند
أبي علي بن أبي هريرة أنها على قولين أيضا ؛ لأن علة القديم في سقوط الزكاة وهاء الملك ونقصان التصرف ، وذلك موجود وإن كان النماء مردودا وهذا على حسب اختلافهم في العلة ، وإن كانت معلوفة عند المالك سائمة عند الغاصب فمذهب
الشافعي : أنه لا زكاة فيها ؛ لأن السوم إنما يكون له حكم إذا كان مقصودا ، فأما ما لم يقصده المالك فلا حكم له ، ألا ترى أن الماشية لو خرجت من يده ورعت من غير قصده لم يكن ذلك سوما يوجب الزكاة ، كذلك سوم الغاصب . وقال بعض أصحابنا : يكون سوم الغاصب كسوم المالك فتكون الزكاة على قولين : قال : لأن من غصب حنطة فزرعها كان على المالك زكاتها كذلك ، إذا غصب ماشية فسامها وجب أن تكون على المالك زكاتها ، وهذا الجمع غير صحيح . والفرق بين السوم والزراعة أن السوم لا بد فيه من قصد ؛ لأن الماشية لو رعت بنفسها لم يكن له عليها حكم ، والزراعة لا تحتاج إلى قصد ، ألا ترى أنه لو نقل طعاما ليحرزه فانتثر بعضه ونبت وبلغ خمسة أوسق حبا لزمته زكاته ، وإن لم يقصد زراعته .