فصل : فأما قول
الشافعي : أرأيت لو أن حائطا صدقته مجزأة على مائة إنسان ليس فيها إلا عشرة أوسق أما كانت فيه صدقة الواحد ؛ وهذا أراد به
مالكا حيث منع من الخلطة في غير المواشي ، وقال في
وقف على جماعة : أخرج الله تعالى فيه خمسة أوسق أن عليهم الزكاة ، فأورده
الشافعي ؛ إفسادا لمذهبه وكسرا لأصله ، فإن قيل : هذا يلزم
مالكا ؛ لأن الوقف عنده لا يملك ، قلنا : الوقف وإن كان عنده غير مملوك فالثمرة مملوكة ، فكان ما ذكره
الشافعي قدحا داخلا عليه ،
وللشافعي في
رقبة الوقف قولان :
أحدهما : ملك للموقوف عليه غير أن ليس له بيعه كأم الولد .
والقول الثاني : أنه غير مملوك بل قد زال الملك عنه وصار خالصا لله تعالى كالعبد المعتق ، وعلى كلا القولين
الزكاة في زرع الوقف وثمرته واجبة ، فإن قيل : إن الخلطة فيه لا تصح فلا زكاة حتى تبلغ حصة كل واحد منهم خمسة أوسق ، وإن قيل : إن الخلطة فيه تصح على قوله الجديد ، ففيه الزكاة إذا بلغ جميعه خمسة أوسق إذا كان على قوم معينين ، فإن كان عاما على من لم يتعين من الفقراء أو المساكين ، أو على ما لا يصح أن يملك من المساجد والمصانع فلا زكاة فيه ؛ لأن الزكاة تجب على ملك من أهل الزكاة ، فعلى هذا لو أن رجلا وقف رقاب أربعين من الغنم سائمة ، فإن قيل : رقبة الوقف لا تملك فلا زكاة فيها ، وإن قيل : إن رقبة الوقف مملوكة ففي إيجاب زكاتها وجهان :
أحدهما : واجبة لأنها ملك لمن تلزمه الزكاة .
والثاني : أنها غير واجبة وهو أصح ، لأنها وإن كانت مملوكة فملكها غير تام كالمكاتب ، ألا تراه لا يقدر على بيعها ورهنها ، والله أعلم بالصواب .
[ ص: 144 ]