فصل : فأما الكلام في
كيفية التراجع فذلك ضربان :
أحدهما : أن يكون الساعي قد أخذ قدر الواجب من غير زيادة .
والضرب الثاني : أن يكون قد أخذ زيادة على الواجب ، فإن كان قد أخذ الواجب فذلك ضربان أيضا :
أحدهما : أن يكون قد أخذ غير الواجب من غير أن يعدل في القيمة ، فللمأخوذ منه أن يرجع على خليطه بقيمة حصته من الزكاة ، كأن بينهما أربعون شاة أخذ الساعي زكاتها شاة من مال أحدهما ، فله أن يرجع على شريكه بقيمة نصفها ، فإن اختلفا في القيمة ولا بينة ، فالقول قول الخليط الغارم مع يمينه .
والضرب الثاني : أن يكون الساعي قد أخذ منه قيمة الواجب دراهم أو دنانير ، كالحنفي الذي يرى أخذ القيم في الزكاة ، ففيه وجهان : أحدهما وهو قول
أبي إسحاق المروزي : إن ذلك غير مجزئ وليس للمأخوذ منه أن يرجع على خليطه بشيء ؛ لأن أخذ القيم في الزكوات لا يجوز عند
الشافعي .
والوجه الثاني : وهو قول
أبي علي بن أبي هريرة ، وقد نص عليه
الشافعي في كتاب " الأم " أن ذلك مجزئ ، وله أن يرجع على خليطه بحصته من القيمة ؛ لأن ذلك حكم من الساعي يسوغ في الاجتهاد فلم يجز نقضه ، هذا كله إذا أخذ منه قدر الواجب من غير زيادة ، فأما إذا أخذ منه زيادة على الواجب فذلك على ضربين .
أحدهما : أن يأخذ الزيادة متأولا ، كالمالكي الذي يرى أخذ الكبار من الصغار ، فهذا يرجع عليه بقيمة حصته مما أخذ مع الزيادة .
والضرب الثاني : أن يأخذ الزيادة غير متأول ، كأخذ الربا والماخض والأكولة ، وما أجمع على أن دفعه لا يلزم ، فهذا يرجع على خليطه بقيمة الواجب من غير زيادة ، لأنه مظلوم بالزيادة فلم يكن له أن يرجع بها على غير من ظلمه ، فهذا الكلام في خلطة الأوصاف .