[ ص: 155 ] باب
الوقت الذي تجب فيه الصدقة وأين يأخذها المصدق
قال
الشافعي رضي الله عنه : " وأحب أن يبعث الوالي المصدق فيوافي أهل الصدقة مع حلول الحول فيأخذ صدقاتهم ، وأحب ذلك في المحرم وكذا رأيت السعاة عندما كان المحرم شتاء أو صيفا " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح .
وجملة الأموال ضربان :
ضرب لا يعتبر فيه الحول كالزروع والثمار ، فينبغي أن يكون مجيء الساعي لأخذ زكاتها في وقت إدراكها ، وقد يختلف إدراك الثمار على حسب اختلاف الزمان ، فلم يمكن تعيين وقته ، وضرب يعتبر فيه الحول كالمواشي ، فينبغي أن يكون وقت مجيء الساعي معروفا ، ليتأهب أرباب الأموال لدفعها ، ويتأهب الفقراء لأخذها ، ويختار أن يكون ذلك في المحرم ؛ لما روي عن
عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال : " هذا شهر زكاتكم ، فمن كان عليه دين فليقضه وليترك بقية ماله " ولأن العمل جار به ، ولأنه رأس السنة ومنه التاريخ ، وقد كان المسلمون يؤرخون من ربيع الأول لوقوع الهجرة فيه ، ثم رأوا تقديمه إلى المحرم لأنه أول السنة ، فإذا تقرر أن المحرم أول فينبغي للإمام أن ينفذ السعاة والجباة قبل المحرم بزمان يعلم أنهم يوافون أرباب الأموال في أول المحرم ، وذلك يختلف بحسب قرب المسافة وبعدها ، فإذا وصل الساعي في المحرم فمن حال حوله من أرباب الأموال أخذ منه الزكاة ، ومن لم يحل حوله تعجل منه الزكاة إن أجاب رب المال إليها ، وإن أبي أن يعجلها لم يجبره على تعجيلها ، وكان الساعي بين أن يستخلف من يأخذ منه عند حلولها ، وبين أن لا يستخلف ليأخذها منه في وقتها .