فصل :
ولا يجوز للساعي أن يستعمل أرباب الأموال ، ولا أن يلزمهم جعل اتباعه ؛ لأنه وهم وكلاء أهل السهمان دون أرباب الأموال ، وقد جعل الله تعالى أجورهم في الزكاة ، وفرض سهما للعاملين ، فلم يجز أخذ أجورهم إلا من المال الذي أذن الله أن يصرف فيهم ،
ولا يجوز للساعي أن يقبل من أرباب الأموال هدية ، لأنهم يهادونه إما لأن يترك عليهم حقا ، أو ليدفع عنهم ظلما ، فيصير مرتشيا على ترك حق أو دفع ظلم ، وذلك حرام .
وقد روى
أبو إدريس عن
ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=922130لعن الراشي والمرتشي والرائش " . ذكره
ابن قتيبة في " غريب الحديث " . فالراشي دافع الرشوة ، والمرتشي قابل الرشوة ، والرائش المتوسط بينهما ، وروي
nindex.php?page=hadith&LINKID=922131أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث مصدقا من الأزد يقال له ابن اللتبية ، فجاء بأشياء فعزل بعضها وقال : هذا لكم وعزل بعضها وقال : هذا أهدي إلي . فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا ورقى المنبر وقال : " ما بال أقوام ننفذهم إلى الصدقة فيقولون هذا لكم وهذا أهدي إلي . أما كان يجلس في بيت أمه ثم ينظر هل كان يهدى إليه شيء أم لا ، والذي نفسي بيده لا يأخذ منها شيئا إلا جاء يوم القيامة يحمله على عاتقه ، إن كان بعيرا له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة تيعر ، ثم رفع يديه حتى رأيت عفرة إبطيه ثم قال : اللهم هل بلغت .
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" لا تخالط الصدقة مالا إلا أهلكته " . [ ص: 158 ] قال
الشافعي : يعني أن
خيانة الصدقة تهلك المال الذي تخالطه ، وقال صلى الله عليه وسلم
" ما أخذ العامل من عمالته فهو غلول " ، فإن قبل الساعي هدية على ترك حق أو دفع ظلم فعليه ردها ، وإن قبلها لشكر كان في إنعام كان منه ، قال
الشافعي : كانت في الصدقات لا يسعه عندي غيره ، إلا أن يكافئه بقدرها عليها فيسعه تمولها ، والله أعلم بالصواب .