فصل : فأما
إذا تعجلها بمسألة فلا يخلو حال من سأله من ثلاثة أقسام :
إما أن يكون رب المال ، وأهل السهمان ، أو هما معا ، فإن سأله رب المال أن يتعجلها من دون أهل السهمان فلها ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون قد صرفها في أهل السهمان .
والثانية : أن تكون في يده .
والثالثة : أن تكون قد تلفت ، فإن كان قد صرفها في أهل السهمان فللدافع والمدفوع إليه أربعة أحوال مضت .
أحدها : أن يكون الدافع ممن تجب عليه الزكاة والمدفوع إليه ممن يستحق الزكاة فلا رجوع .
والحال الثانية : أن لا تجب على الدافع ولا يستحقها المدفوع إليه ، فللدافع أعني رب المال أن يرجع بها على المدفوع إليه أعني أهل السهمان ، وليس له أن يرجع بها على الوالي ، لأنه لما سأل الوالي أن يتعجلها منه صار الوالي في الدفع نائبا عنه ، فإن كانت باقية في يد المدفوع إليه استرجعها بعينها ، وإن كان قد استهلكها نظر ، فإن كانت ذهبا أو ورقا
[ ص: 165 ] استرجع مثلها ، وإن كانت حيوانا فعلى وجهين من اختلاف وجهي أصحابنا فيمن اقترض حيوانا هل يجب عليه رد مثله ، أو رد قيمته ، أحدهما : أنه يسترجع مثله .
والوجه الثاني : أن يسترجع قيمته .
والحال الثالثة : أن يكون الدافع ممن تجب عليه الزكاة والمدفوع إليه ممن لا يستحق الزكاة ، فللدافع أن يرجع بها ، وعليه صرفها في أهلها ومستحقيها ، فإن كانت باقية استرجعها بعينها ، وهل يتعين عليه دفعها في الزكاة أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يدفعها بعينها ليعينها بالتعجيل ، والثاني : أنه بالخيار بين دفعها أو دفع غيرها ؛ لأنها بعد الاسترجاع من جملة ماله ، وإن كان المدفوع إليه قد استهلكها استرجع منه مثلها وجها واحدا .
والحال الرابعة : أن يكون الدافع ممن لا تجب عليه الزكاة والمدفوع إليه ممن يستحق الزكاة ، فللدافع أن يرجع بها على المدفوع إليه ، فإذا رجع بها كان له تملكها ولم يلزمه إخراجها ، لأنها لم تجب عليه ، فإن كان المدفوع إليه قد استهلكها رجع عليه بمثلها إن كانت ذهبا أو ورقا ، وإن كانت حيوانا فعلى وجهين ، لأنه يسترجعها في حق نفسه كالقسم الثاني ، وخالف القسم الثالث الذي يكون استرجاعه لها في حق الفقراء ، وإن كانت الزكاة باقية في يد الوالي فلرب المال أن يرجع بها قبل الحول ما لم يفرقها الوالي ، فإن فرقها فلا رجوع له إلا أن يتغير حاله ، أو حال المدفوع إليه على ما مضى ، وإنما كان له الرجوع بها على الوالي قبل الحول ما لم يفرقها ، لأنه إذا سأل الوالي تعجيلها فالوالي نائب عنه ، فجاز أن يرجع في استنابته وإن تلفت الزكاة من يد الوالي فلا ضمان على رب المال إلا بتفريط ، لأنه لما سأله واستنابه صار أمينه ، والأمين غير ضامن ما لم يفرط ، وعلى رب المال إخراج الزكاة عند وجوبها ؛ لأن ما عجله لم يصل إلى أهل السهمان ، ولا إلى من استنابه أهل السهمان ، فإن كان الوالي قد تعدى فيها أو فرط فعليه ضمانها في حق رب المال ، ويضمن قيمة الحيوان وجها واحدا ، لأنه يضمنه ضمان غصب ، فهذا الكلام فيه إذا سأله رب المال .