فصل : فإن
امتنع من أدائها طوعا : أخذها الإمام من ماله قهرا ، ويجزئه في الحكم ، نوى الإمام أو لم ينو ، وهل يجزئه فيما بينه وبين الله تعالى ؛ على وجهين .
وقال
أبو حنيفة : إذا امتنع من أدائها لم يجبر عليها ، ولم يجز أن تؤخذ كرها بل يحبس حتى يؤديها ، فإن أخذت كرها لم يجزه ، واستدل بشيئين :
أحدهما : أن الزكاة عبادة لا يصح أداؤها إلا بنية ، ومع الإكراه لا تصح منه النية .
والثاني : أن أخذها كرها لا يصح إلا لطالب معين ، ومستحق الزكاة غير معين ، وهذا خطأ .
ودليلنا قوله تعالى :
خذ من أموالهم صدقة ، [ التوبة : 103 ] ، فكان هذا الأمر بالأخذ على عمومه في المطيع والممتنع ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=922147في كل سائمة إبل ، في أربعين بنت لبون ، ولا تفرق إبل عن حسابها ، من أعطاها مؤتجرا فله أجرها ، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله ؛ عزمة من عزمات ربنا ، ليس لآل محمد فيها نصيب ولأنه حق في ماله يقدر على أدائه فوجب أن يجبر عليه عند امتناعه كالديون ، ولأنه مال يتولاه الإمام لأهل السهمان ، فجاز أن يجبر عليه عند الامتناع منه كالأعشار .
فأما الجواب عن استدلاله الأول بفقد النية ، يقصد بها الفرق بين التطوع والفرض ، وهذا المعنى موجود في الإكراه ، وأما قوله : إن مستحقها غير معين ، قيل : أوصافهم معينة ، وإن كانت أشخاصهم غير معينة ، ولولا تعيين أوصافهم لما جاز أن يفرقها فيهم لجهله به .