مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وإن
كانت العوامل ترعى مدة وتترك أخرى ، أو كانت غنما تعلف في حين وترعى في آخر ، فلا يبين لي أن في شيء منها صدقة " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال .
الماشية على ثلاثة أضرب :
سائمة في الحول كله ففيها الزكاة .
ومعلوفة في الحول كله فلا زكاة فيها .
وسائمة في بعض الحول معلوفة في بعضه فالواجب أن ينظر في العلف ، فإن كان يسيرا يقوم البدن بفقده كيوم أو بعضه وهي في باقي الحول كله سائمة ، فالحكم للسوم ، والزكاة فيها واجبة ، ولا تأثير لهذا القدر في المعلوفة ، وإن كثرت العلوفة في زمان لا يقوم البدن بفقدها فيه كشهر أو أسبوع أو ثلاثة أيام ، لأنها إن لم تأكل ثلاثا تلفت فلا زكاة فيها ، سواء كان زمان السوم أقل أو أكثر .
وقال
أبو حنيفة : إن كان زمان السوم أكثر ففيها الزكاة ، وإن كان زمان العلوفة أكثر فلا زكاة فيها ، اعتبارا بحكم الأغلب كالزرع المسقي بماء السماء وماء الرشا ، وهذا غلط من وجهين :
أحدهما : أن في السوم إيجابا وفي العلوفة إسقاطا ، وهما إذا اجتمعا في الزكاة غلب حكم الإسقاط .
والثاني : أن سوم جميع الماشية في بعض الحول كسوم بعض الماشية في جميع الحول ، فلما ثبت أن سوم بعضها في جميع الحول مسقط للزكاة من غير أن يعتبر فيها الأغلب ، وجب أن يكون سوم جميعها في بعض الحول مسقطا للزكاة من غير أن يعتبر فيها الأغلب ، بيان ذلك أن من معه أربعون شاة ، منها تسعة وثلاثون سائمة في الحول كله ، وشاة معلوفة في الحول كله ، فلا زكاة عليه وإن كان السوم أغلب اعتبارا بحكم الإسقاط ، كذلك من معه أربعون شاة ، إذا سمت كلها في بعض الحول ، وعلفت في بعضه ، لا زكاة عليه ، وإن كان السوم أغلب اعتبارا بحكم الإسقاط ، فأما ما ذكره من الزروع فللشافعي فيها قولان : أحدهما : لا اعتبار بالأغلب والفرق بينهما الاعتبار بالأغلب . فعلى هذا السؤال ساقط .
[ ص: 191 ] والثاني : الاعتبار بالأغلب ، والفرق بينهما أن الزرع لا يتردد بين إسقاط وإيجاب ، فلذلك اعتبر حكم الأغلب فيه ، والماشية مترددة بين إسقاط وإيجاب ، فلذلك غلب حكم الإسقاط . والله أعلم بالصواب .