الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما الأرض المستأجرة فعشر زرعها واجب ، وهو عندنا على المستأجر مالك الزرع .

وقال أبو حنيفة : على المؤجر مالك الأرض بسببين .

أحدهما : أن العشر مقابلة المنفعة فوجب أن يلزم مالك الأرض كالخراج .

والثاني : أن العشر من مؤن الأرض فوجب أن يختص بمالك الأرض كحفر الآبار وكري الأنهار والدلالة على فساد ما تفرد به أبو حنيفة من هذا المذهب قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ، [ البقرة : 267 ] ، والزرع مخرج للمستأجر فوجب أن يتوجه حق الإنفاق عليه على أنه أمر بالاتفاق من من عليه بالإخراج وقال تعالى : كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ، [ الأنعام : 141 ] ، فأمر بإيتاء الحق من أباح له الأكل ، والأكل مباح للمستأجر فوجب أن يكون الحق واجبا على المستأجر دون المؤاجر ، ولأنه زرع لو كان لمالك الأرض يوجب عليه العشر فوجب إذا كان ملكا لغيره أن يكون العشر على مالكه كالمستعير ، ولأنه حق في مال يجب أداؤه عن مال فوجب أن يكون على مالك المال كالخراج ، فأما الجواب عن جمعه بين العشر والخراج فغير صحيح : لأن الخراج عن رقبة الأرض فوجب على مالكها ، والعشر عن الزرع فوجب على مالكه ، والجواب عن جمعه بين العشر والمؤنة فمثله سواء .

التالي السابق


الخدمات العلمية