فصل : فأما
الأرض المستأجرة فعشر زرعها واجب ، وهو عندنا على
المستأجر مالك الزرع .
وقال
أبو حنيفة : على المؤجر مالك الأرض بسببين .
أحدهما : أن العشر مقابلة المنفعة فوجب أن يلزم مالك الأرض كالخراج .
والثاني : أن العشر من مؤن الأرض فوجب أن يختص بمالك الأرض كحفر الآبار وكري الأنهار والدلالة على فساد ما تفرد به
أبو حنيفة من هذا المذهب قوله تعالى :
ياأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ، [ البقرة : 267 ] ، والزرع مخرج للمستأجر فوجب أن يتوجه حق الإنفاق عليه على أنه أمر بالاتفاق من من عليه بالإخراج وقال تعالى :
كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ، [ الأنعام : 141 ] ، فأمر بإيتاء الحق من أباح له الأكل ، والأكل مباح للمستأجر فوجب أن يكون الحق واجبا على المستأجر دون المؤاجر ، ولأنه زرع لو كان لمالك الأرض يوجب عليه العشر فوجب إذا كان ملكا لغيره أن يكون العشر على مالكه كالمستعير ، ولأنه حق في مال يجب أداؤه عن مال فوجب أن يكون على مالك المال كالخراج ، فأما الجواب عن جمعه بين العشر والخراج فغير صحيح : لأن الخراج عن رقبة الأرض فوجب على مالكها ، والعشر عن الزرع فوجب على مالكه ، والجواب عن جمعه بين العشر والمؤنة فمثله سواء .