مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وما كان من لؤلؤ أو زبرجد أو ياقوت ومرجان وحلية بحر فلا زكاة فيه ، ولا في مسك ولا عنبر ، قال
ابن عباس في العنبر : إنما هو شيء دسره البحر ، ولا زكاة في شيء مما خالف الذهب والورق والماشية : والحرث على ما وصفت " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال : كل ما استخرج من البحر من حلية وزينة وطيب ، فلا
زكاة في عينه ، وهو قول الصحابة وجمهور الفقهاء .
وقال
أبو يوسف : في العنبر وحلية البحر الخمس .
وبه قال من التابعين :
الحسن البصري ،
وعمر بن عبد العزيز .
ومن الفقهاء :
عبيد الله بن الحسن العنبري ،
وإسحاق بن راهويه استدلالا بقوله تعالى :
في أموالهم حق معلوم ، [ المعارج : 24 ] ، قالوا : ولأنه نماء يتكامل عاجلا : فاقتضى أن يجب فيه الخمس كالركاز قالوا : ولأن الأموال المستفادة نوعان من بر وبحر فلما وجبت زكاة ما استفيد من البر اقتضى أن تجب زكاة ما استفيد من البحر .
والدلالة على أن لا زكاة في شيء من ذلك :
رواية
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
لا زكاة في حجر ، اللؤلؤ حجر ، والجواهر أحجار : فاقتضى أن لا تجب فيها الزكاة .
وروى
أبو الزبير عن
جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
العنبر ليس بغنيمة وهو لمن أخذه " .
فكان قوله : " ليس بغنيمة " ينفي وجوب الخمس فيه كالغنيمة ، وقوله : " هو لمن أخذه " ينفي أن يكون فيه حق لغير من أخذه .
[ ص: 281 ] وروى
مجاهد عن
ابن عباس أنه سئل عن
العنبر أفيه الزكاة ؟ فقال : " لا إنما هو شيء دسره البحر " أي يعني : قذفه وألقاه ، وليس يعرف له في الصحابة مخالف ، ولأن ما استفيد من البحر نوعان : حيوان ، وجماد فلما لم تجب زكاة حيوانه من سموكه وحيتانه لم تجب زكاة جماده من حلية وزينة ، وبعكسه البر لما وجبت زكاة حيوانه وجبت زكاة غير حيوانه ، من زروعه وجماده .
وأما عموم الآية فمخصوص بما ذكرنا .
وأما قياسهم على الركاز فالمعنى فيه : أنه من جنس الأثمان ، ولو سلمنا وجوب خمس جميع الركاز على أحد القولين ، لكان المعنى فيه أنه من دفن الجاهلية مستفاد من مشرك كالغنيمة ، وليس كذلك حلية البحر .
وأما قولهم : لما وجبت زكاة ما استفيد من البر ، وجب أن تجب
زكاة ما استفيد من البحر ، فالمعنى فيه ما ذكرنا من أنه لما وجبت زكاة حيوان البر جاز أن تجب في غير حيوانه ، ولما لم تجب زكاة حيوان البحر لم تجب في غير حيوانه والله أعلم بالصواب .