مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولا تمنع زكاة التجارة في الرقيق زكاة الفطر إذا كانوا مسلمين ألا ترى أن زكاة الفطر على عدد الأحرار الذين ليسوا بمال إنما هي طهور لمن لزمه اسم الإيمان " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال :
إذا
ملك عبيدا للتجارة وجبت عليه زكاة التجارة في قيمتهم ، وزكاة الفطر في رقبتهم إذا كانوا مسلمين .
وقال
أبو حنيفة : تجب زكاة التجارة ، وتسقط زكاة الفطر لأنهما زكاتان ، فلم يجب اجتماعهما في مال كسائمة الماشية إذا اشتراها للتجارة لم يجز أن يجتمع فيها زكاة التجارة في قيمتها ، وزكاة السوم في رقبتها .
ودليلنا عموم قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922154عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق إلا صدقة الفطر في الرقيق ولأن زكاة التجارة تجب في القيمة ، بدليل أنها تزيد بزيادتها ، وتنقص بنقصها ، وزكاة الفطر تجب عن الرقبة بدليل أنها تجب عن الحر ، والعبد وإذا اختلف سبب وجوبها لم يمتنع اجتماعهما ، كالصيد المملوك إذا قتله المحرم وجبت عليه قيمته لمالكه بحق ملكه ، وجزاؤه لله تعالى به لا عن رقبته وكحد الزنا وشرب الخمر ، وبهذا الاستدلال يبطل ما احتج به من ينافي زكاة التجارة وزكاة العين : لأن سبب وجوبهما واحد ، وتحرير ذلك ، أنهما حقان يختلف سبب وجوبهما فوجب أن لا يسقط أحدهما بالآخر ، كالصيد المملوك والحدين المختلفين ، ولأن لما لم يمتنع أن يجتمع في مال السيد زكاة الفطر عن رقبته ، وزكاة العين عن ماله لم يمتنع أن يجتمع في ماله زكاة الفطر عن رقبة عبده وزكاة التجارة عن قيمته ، ولأن زكاة الفطر وجبت بالنص مع انعقاد الإجماع عليها ، وزكاة التجارة وجبت بالاجتهاد مع حصول الخلاف فيها ، فلو جاز إسقاط أحديهما بالأخرى لكان إسقاط زكاة التجارة بالفطر أولى من إسقاط زكاة الفطر بالتجارة ، كما قلنا في الخراج المضروب على الأرض ، والعشر الواجب على الزرع فلما بطل هذا بطل ذاك والله أعلم .
[ ص: 303 ]