فصل :
بطلان البيع إذا أخرجت الزكاة على ما مضى فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون البائع قد أخرج الزكاة من ماله ، فإن قلنا إن الزكاة وجبت في الذمة فالبيع صحيح في الكل ، ولا خيار للمشترى لسلامة البيع ، وإن قلنا إن الزكاة وجبت في العين وجوب استحقاق ، فهو كالضرب الثاني .
والضرب الثاني : أن يخرج الزكاة من عين المال ونفس المبيع
فالبيع في قدر ما خرج في الزكاة باطل ، فأما الباقي فهو على ضربين :
أحدهما : أن يكون متماثل الأجزاء كالفضة والذهب ، فالبيع فيه جائز قولا واحدا : لأن العقد وقع صحيحا ، ولما بطل البيع في قدر الزكاة بمعنى طارئ بعد سلامة العقد ، فلم يقدح ذاك في بيع ما بقي ، هذا قول جمهور أصحابنا والمعول عليه في المذهب ، فعلى هذا يكون المشتري بالخيار لأجل النقص الطارئ من فسخ البيع والإقامة عليه ، فإن أقام ، فالصحيح أنه يقيم هاهنا بحساب الثمن وقسطه ، ومن أصحابنا من خرج قولا ثانيا وهو أنه يقيم لجميع الثمن ، وإلا فسخ ، وليس بصحيح .
والضرب الثاني : أن يكون البيع غير متماثل الأجزاء كالماشية فهذا على ضربين :
أحدهما : أن تكون مختلفة الأسباب بعضها صغارا وبعضها كبارا أو مختلفة الأوصاف بعضها سمانا وبعضها عجافا فالبيع في الكل باطل ، من جهة تفريق الصفقة ولكن للجهل بما استقر عليه العقد .
والضرب الثاني : أن تكون متساوية الأسنان متقاربة الأوصاف ، ففي بطلان البيع وجهان :
[ ص: 327 ] أحدهما : باطل لما ذكرنا من الجهل بما استقر عليه العقد .
والثاني : جائز تشبيها بما تماثلت أجزاؤه لتقارب بعضه من بعض ، ومن أصحابنا من بنى بطلان البيع في الباقي على تفريق الصفقة فليس بصحيح : لأن ما طرأ من الفساد بعد العقد مخالف لحكم ما كان موجودا حال العقد وما ذكرت أصح إن شاء الله ، وإذا صح البيع في الباقي فللمشتري الخيار في فسخ البيع وإمضائه ، فإن أمضاه فعلى قولين : أحدهما : بحساب الثمن وقسطه .
والقول الثاني : بجميع الثمن وإلا فسخ ، فهذا جملة ما اشتمل عليه فصول هذه المسألة .