مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وأكره
للرجل شراء صدقته إذا وصلت إلى أهلها ولا أفسخه " .
قال
الماوردي : ولذا كرهت له شراء ما تصدق به واجبا وتطوعا : لما روي أن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه حمل على فرس في سبيل الله يقال له الورد فرآه يباع في السوق ، فأراد أن يشتريه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا تعد في صدقتك ولو أعطيتها نصفين ودعها حتى تكون هي ونتاجها لك يوم القيامة ، ولأن لا يسامح في ثمنها فينقص من ثوابه ، ولأن لا يتبعها نفسه فيستراب له فإن ابتاعها كان البيع جائزا ، وإن كان مكروها .
وقال
مالك : البيع باطل استدلالا بحديث
عمر رضي الله عنه ونهي النبي صلى الله عليه وسلم له أن يعود في صدقته .
والدلالة على جوازه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=925405لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة ، وذكر منهم رجلا اشتراها بماله فكان على عمومه ولأن عودها إليه بغير المعنى الذي تملكته عليه غير ممنوع منه ، ألا ترى أنها لو عادت إليه ميراثا ، جاز لما روي أن
رجلا تصدق على أبيه بحديقة فمات فرجعت إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " قبلت صدقتك وبلغت محلها وصار ذلك ميراثا " ، وإذا جاز عودها إليه بالميراث جاز عودها بالابتياع ، وتحرير ذلك قياسا أن كل ما جاز أن يملكه إرثا ، جاز أن يملكه ابتياعا كسائر الأموال .
[ ص: 332 ] فأما حديث
عمر ففيه جوابان :
أحدهما : أن
عمر كان قد وقف فرسه وشراء الوقف باطل بوفاق .
والثاني : أنه محمول على الكراهة والاستحباب : لأن النهي يقتضي كراهة العقد دون فساده كالنهي عن بيع النجس ، وأن يبيع الرجل على بيع أخيه .