فصل : فأما
قدر الصاع المؤدى ، فهو أربعة أمداد ، كل مد منها رطل وثلث بالعراقي ، فيكون الصاع خمسة أرطال وثلثا بالعراقي ، هذا مذهب
الشافعي ومالك وأبي يوسف وأحمد بن حنبل ، وسائر فقهاء الحرمين ، وأكثر فقهاء العراقيين وقال
أبو حنيفة ومحمد : المد رطلان والصاع ثمانية أرطال : استدلالا برواية
أنس بن مالك قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=922262كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد والمد رطلان ، وقد روت
عائشة بنت عجرد عن
أم أنفع امرأة أبي السعر قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922263كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع والصاع ثمانية أرطال قال وقد روي عن
مجاهد قال
سألت nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أن تريني صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فأخرجت صاعا حزر به ثمانية أرطال وهذا غلط .
ودليلنا على صحة قولنا : ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لكعب بن عجرة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=922265أيؤذيك هوام رأسك ؟ قال نعم . قال : احلق رأسك وانسك نسيكة ، أو صم ثلاثة أيام ، أو أطعم ثلاثة آصع ستة مساكين . وروي في كثير من الأخبار أنه قال : " أو تصدق بفرق من تمر على ستة مساكين " فموضع الدلالة أن القصة واحدة ، وقول الأكثر واحد فنقل عنه ثلاثة آصع ، ونقل عنه فرقا ، فيجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال : ثلاثة آصع فنقل الراوي معنى الخبر ، وجعل مكان الآصع فرقا ، ويحتمل أن يكون أمر بفرق فنقل معناه ، وجعل مكان الفرق ثلاثة آصع ، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال : ثلاثة آصع فرق من تمر فيؤدى ذلك أقول على أن الفرق ثلاثة آصع فلما لم يختلف واحد من أهل العلم أن الفرق ستة عشر رطلا
بالعراق ، ثبت أن الصاع الذي هو خمسة أرطال وثلث رطل بالعراقي ، وروى
مالك قال أخرج لي
نافع صاعا وقال : هذا صاع أعطانيه
ابن عمر ، وقال هذا صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعيرته فكان بالعراقي خمسة أرطال وثلث وروي أن الرشيد حج ، ومعه
أبو يوسف فلما دخل
المدينة جمع بينه وبين
مالك ، فسأل
أبو يوسف مالكا عن الصاع فقال خمسة أرطال وثلث ، فأنكر
أبو يوسف ذلك فاستدعى مالك أهل
المدينة ، وسأل كل واحد منهم يحضر صاعه معه ، فاجتمعوا ومع كل واحد منهم صاعه ، يقول : هذا ورثته عن أبي وحدثني أبي أنه قال ورثته عن جدي ، وأنه كان يخرج به زكاة الفطر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوزنه الرشيد ، فإذا هو خمسة أرطال وثلث فرجع
أبو يوسف ، إلى هذا الظهور في الصحابة واشتهاره في
المدينة وتواتر نقل الخلف عن السلف ، فإن قالوا هذا عمل أهل
المدينة وعملهم ليس بحجة ، قيل : إنما احتججنا بنقلهم دون عملهم ونقلهم حجة على أنه قد روى
طاوس عن
ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=922266المكيال مكيال أهل [ ص: 383 ] المدينة والميزان ميزان أهل مكة . فكان عملهم بذلك أيضا حجة ، فإن قيل : وهو سؤال الكرخي من أصحابهم إنما عيروه خمسة أرطال وثلثا
بالمدينة ، ورطل
المدينة رطل ونصف بالعراقي فهو ثمانية أرطال بالعراقي ، ورجوع
أبي يوسف وهم منه ، قيل : لو كان هكذا لم يكن بين
أبي يوسف ومالك نزاع ، ولما كان مثل هذا يخفى على الرشيد ومن حضر مع علمهم بالخلاف فيه على أنه قد روي أنهم وزنوه خمسة أرطال وثلثا بالعراقي ، ثم من الدلالة عليه أيضا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
أصغر الصيعان صاعنا . فدل على أن هذا الصاع هو أكبر ، وأن صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأصغر فثبت قولنا أنه خمسة أرطال وثلث : لأنه أصغر الصيعان ، فأما ما رووه من الأخبار فضعيفة جدا ، ولو صحت روايتها لم يكن فيها حجة : لأن حديث أنس وأم أنفع وارد في صاع الماء ، وخلافنا في صاع الزكوات ، وقد كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم آصع مختلفة ، وأما حديث
مجاهد فهو عن حزر والحزر في المقادير غير مقبول .