فصل : فإذا
نوى صوم التطوع نهارا على الوجه الجائز فهل يحتسب له صوم جميع اليوم ويحكم له بثواب سائره أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول جمهور أصحابنا يحتسب له صوم جميع اليوم ، ويحكم له بثواب سائره .
والوجه الثاني : وهو قول
أبي إسحاق يحتسب له من وقت نيته ، وما بعده دون ما تقدمه ويحكم له من الثواب بقدر ذلك ، قال : لأن العبادات كلها مبنية على إثبات النية في ابتدائها فلو حكم له بصوم جميع اليوم ، إذا نوى في بعضه لتأخرت نيته عن ابتداء العبادة ، وذلك خلاف الأصول وهذا الذي قاله
أبو إسحاق غلط ، والوجه الأول أصح ؛ لأن الصوم لا يتبعض ، ويمتنع أن يكون الرجل صائما في بعض نهاره مفطرا في بعضه ؛ لأنه لو أكل في أول النهار ثم نوى أن يصوم بقية نهاره لم يصح ، لامتناع تبعيض الصوم وتفريق اليوم ، وإذا كان ذلك ممتنعا وقد حكم له بصوم بعض اليوم وجب أن يحكم له بجميعه ، ألا ترى أن زمان الليل لما كان منافيا للصوم صح فيه اجتماع الأكل والنية لصوم الغد ، ولما كان زمان النهار غير مناف للصوم ، لم يصح فيه اجتماع الأداء والنية لصوم ما بعد ، وليس يمكن أن يدرك الرجل بعض العبادة ويحكم له بإدراك جميعها وثواب سائرها ، كالمصلي يدرك الإمام راكعا فيحتسب له بجميع الركعة ، وثواب سائرها ، وإن كان مدركا لبعضها ، وكذلك الصيام والله أعلم .