فصل : فإذا ثبت أن العلم بدخول شهر رمضان يحصل بأحد وجهين ، لا ثالث لهما :
إما رؤية الهلال ، أو استكمال شعبان ثلاثين يوما فلا فرق ، بين أن يرى الهلال ظاهرا ، أو خفيا ويلزم
الصيام برؤيته على أي حال كان ، فلو رآه جماعة من بلد ولم يره باقيهم لزم جميعهم الصيام ؛ بدليل إجماعهم على وجوب الصيام على الأعمى والمحبوس وإن لم يرياه ، فلو
رآه أهل البلد ولم يره أهل بلد آخر ، فقد اختلف أصحابنا في أهل ذلك البلد الذين لم يروه على ثلاثة أوجه :
أحدهما : أن عليهم يصوموا إذ ليس رؤية الجميع شرطا في وجوب الصيام ، وفرض الله تعالى على جميعهم واحدا .
والوجه الثاني : لا يلزمهم صيامه حتى يروه ؛ لأن الطوالع والغوارب قد تختلف لاختلاف البلدان ، وكل قوم فإنما خوطبوا بمطلعهم ومغربهم ، ألا ترى أن الفجر قد يتقدم طلوعه في بلد ، ويتأخر في آخر وكذلك الشمس ، قد يتعجل غروبها في بلد ويتأخر في آخر ، ثم كان الصائم يراعي طلوع الفجر وغروب الشمس في بلده فكذلك الهلال .
والوجه الثالث : إن كانوا من إقليم واحد لزمهم أن يصوموا ، وإن كانوا من إقليمين لم يلزمهم ؛ لما روي أن
ثوبان قدم
المدينة من
الشام فأخبرهم برؤية الهلال قبل
المدينة بليلة ، فقال
ابن عباس : " لا يلزمنا لهم شامهم ولنا حجازنا " فأجرى على
الحجاز حكما واحدا وإن اختلفت بلاده ، وفرق بينه وبين
الشام .