مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وإن
أكل عامدا في صوم رمضان فعليه القضاء والعقوبة ، ولا كفارة إلا بالجماع في شهر رمضان " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال :
لا كفارة على الأكل عامدا في رمضان ، وقال
مالك : عليه الكفارة بكل حال .
وقال
أبو حنيفة : إن أفطر بجنس ما يقع به الاغتذاء غالبا لزمته الكفارة ، وإن أفطر بما لا يقع به الاغتذاء كجوزة أو حصاة لزمه القضاء ولا كفارة ، واستدلا بما روى
أبو هريرة رضي الله عنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922342أن رجلا أفطر فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكفارة وهذا عام في كل فطر ، وبرواية
مجاهد عن
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" من أفطر في رمضان فعليه ما على المظاهر " واستدل
مالك منفردا به بأن قال : لأنه إفطار بمعصية فوجب أن تتعلق به الكفارة .
أصله : الجماع .
واستدل
أبو حنيفة منفردا بأن قال : لأنه إفطار بأعلى ما يقع به هتك حرمة الصوم من جنسه ، فوجب أن تتعلق به الكفارة كالجماع ، والدلالة عليهما في سقوط الكفارة قوله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=922344 " من استقاء عامدا أفطر " ولم يأمره بالكفارة والمستقيء عامدا كالآكل عامدا ، ولأنه أفطر بما لا يجب الحد بشيء من جنسه فوجب أن لا تلزمه الكفارة كالمستقيء عامدا ، ولأنه أفطر بغير جماع فوجب أن لا تلزمه الكفارة العظمى .
أصله : إذا ابتلع حصاة وهذه على
أبي حنيفة ، ولأن كل عبادة منعت من الوطء وغيره فحكم الوطء فيها أعلى ، كالحج لما استوى حكم الوطء ، وغيره في إيجاب الكفارة اختص
[ ص: 435 ] الوطء أغلظ الأحكام تغليظا بإفساد الحج فكذلك في الصوم ، لما ساوى الوطء الأكل في إفساد الصوم اقتضى أن يختص الوطء بالكفارة تغليظا دون الأكل ، ولأنها عبادة يتعلق بالوطء فيها كفارة ، فلم يستحق تلك الكفارة بمحظور غير الوطء كالحج ، فأما استدلالهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر المفطر بالكفارة ، وهذا مجمل راوية
أبي هريرة ، وقد فسره فيما رويناه من قصة الأعرابي ، وأنها واردة في الجماع ، وتفسير الراوي أولى من إجماله ، وأما استدلالهم بقوله :
" من أفطر في رمضان فعليه ما على المظاهر " فلا دليل فيه ؛ لأن على المظاهر الاستغفار وإنما تلزمه الكفارة بالعود ، لا بالظهار ، فكان دليل هذا الخبر يوجب على الأكل الاستغفار ، وسقوط الكفارة ، وأما قياس
مالك ففاسد بمن استقاء عامدا .
وأما قياس
أبي حنيفة ففاسد بالقيء أيضا إذا ملأ الفم ؛ لأنه فرق بين قليله وكثيره ، على أن قوله : " على ما يقع به هتك الحرمة " ، لا تأثير له في الفطر ؛ لأنه لو أفطر بالسهو ما لزمته الكفارة ، وإن لم تكن أعلى المأكول .