مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وأحب للصائم أن ينزه صيامه عن اللغط القبيح والمشاتمة وإن شوتم أن يقول إني صائم للخبر في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال
الماوردي : وأما
الكذب والغيبة والشتم والنميمة ، فكل واحد ممنوع منه غير أن الصائم بالمنع أولى لقوله تعالى :
إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا [ التوبة : 36 ] إلى قوله :
منها أربعة حرم فلا تظلموا فيهن أنفسكم [ التوبة : 136 ] فالظلم وإن كان قبيحا في جميع السنة فهو في الأشهر الحرم أقبح ، وإنما كان الصائم بالمنع أولى ؛ لأن الصيام أفضل أعمال القرب . وروي عن
عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" صمت الصائم تسبيح ، ونومه عبادة ، ودعاؤه مستجاب ، وعمله مضاعف ، وللصائم فرحتان : فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربه ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك " وروي عن
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922409من لم يدع قول الزور والعمل به فليس له حاجة أن يدع طعامه وشرابه " وروى
المقبري عن
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922410رب صائم حظه من صومه الجوع والعطش ورب قائم حظه من قيامه السهر " .
وروى
أبو الزناد عن
الأعرج عن
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922411الصوم جنة ، فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل ، وإن امرؤ شاتمه فليقل : إني صائم إني صائم " وفيه ثلاثة تأويلات :
[ ص: 465 ] أحدها : أنه في قوله : إني صائم إني صائم شفاء لغيظه وسكون لنفسه ، فيمتنع عن جواب خصمه .
والثالث : ليعلم خصمه صيامه ، فيكف عن شتمه وأذاه ، فلو خالف هذا فكذب أو اغتاب أو نم أو شتم كان آثما مسيئا وهو على صومه ، وبه قال جميع الفقهاء إلا
الأوزاعي فإنه قال : قد أفطر ولزمه القضاء ؛ تعلقا بقوله صلى الله عليه وسلم :
" خمس يفطرن الغيبة والنميمة والكذب والنظر بالشهوة واليمين الكاذبة " وهذا الخبر ورد على طريق الزجر والتغليظ ، وسقوط الثواب كقوله تعالى :
ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا [ الحجرات : 12 ] والإنسان لا يأكل لحم أخيه ميتا بالغيبة وإنما أثم كإثمه لو أكل ، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922413 " من تكلم والإمام يخطب فلا جمعة " تشديد في سقوط الثواب وإنما حملناه على هذا ؛ لأن دليل الإجماع يدفعه ، ولأن كل شيء كان المباح منه لا يفطر ، فإن المحظور منه لا يفطر ، أصله القبلة وعكسه الأكل والجماع .