مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " واعتكافه في المسجد الجامع أحب إلي فإن اعتكف في غيره ، فمن الجمعة إلى الجمعة " .
قال
الماوردي : أما الجوامع فالاعتكاف فيها أولى من المساجد لكثرة جماعتها ودوام الصلاة فيها ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=922479صلاتك مع الجماعة أفضل من صلاتك وحدك وصلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ " فكلما كثرت الجماعة كان أفضل ، ولأنه إذا اعتكف في الجامع استدام له الاعتكاف ، واتصل وإن اعتكف في غيره لزمه حضور الجمعة ، فكان ذلك قطعا لاعتكافه ، فإن
اعتكف في مسجد غير جامع فله حالان :
أحدهما : أن يكون اعتكافه تطوعا ، فإذا حضرت الجمعة لزمه إتيانها فإذا عاد إلى الاعتكاف صار كالمستأنف له .
والثاني : أن يكون اعتكافه نذرا واجبا ، فإن كان قدره أقل من الجمعة إلى الجمعة لزمه حضور الجمعة ، وقد خرج من نذره وإن كان قدره أكثر من الجمعة إلى الجمعة كأنه نذر اعتكاف عشرة أيام أو شهر ، فإن لم يكن اعتكافه متتابعا خرج إلى الجمعة ، وعاد إلى اعتكافه وبنى ، وإن كان اعتكافه متتابعا فإن شرط فيه الخروج إلى الجمعة ، فإذا خرج عاد إلى اعتكافه ، وبنى وإن لم يشترط فيه الخروج إلى الجمعة فعليه الخروج فإذا خرج بطل اعتكافه ، ولزمه استئنافه ، وقال
أبو حنيفة : لا يبطل ؛ لأن خروجه لضرورة ، كما لو خرج لحاجة الإنسان ودليلنا هو أن التتابع إذا كان مستحقا في العبادة كان أولى فيها على ما يمنع التتابع الممكن فيها مبطلا لها ، من وجب عليه صوم شهرين متتابعين ، فدخل في صيامها في شعبان بطل صيامه ؛ لأن دخول رمضان يمنع من تتابعه عن كفارته ، وقد يمكنه تقديمه في أول رجب فيكمل له صيام شهرين متتابعين كذلك المعتكف ، قد يمكنه أن يعتكف في الجامع فيستغني عن الخروج من اعتكافه ولا يقدر أن يستغني عن الخروج للغائط والبول ؛ لأنه قد كان يقدر على الاحتراز منه بالشرط والاستثناء فخرج من باب الضرورة .