فصل : فإذا تقرر أن الحج له لازم ببذل الطاعة ، فإن ذلك معتبر بأربع شرائط :
أحدها : أن يكون الباذل من أهل الحج فيجمع البلوغ والحرية والإسلام ، لأن
من لا يصح منه أداء الحج عن نفسه لا تصح النيابة فيه عن غيره .
والثاني : أن يكون قد أدى فرض الحج عن نفسه لتصح النيابة عن غيره .
والثالث : أن يكون واجدا للزاد والراحلة لأنه لما كان ذلك معتبرا في المبذول له كان اعتباره في الباذل أولى إذ ليس حال الباذل أوكد من التزام الفرض من المبذول له ، ومن أصحابنا من لم يعتبر هذا الشرط في بلده للطاعة ، وإن اعتبره في فرض نفسه ، لأن التزام الطاعة باختياره ، فصار كحج النذر ، وخالف بهما ابتداء الفرض .
والرابع : أن يكون المبذول له واثقا بطاعة الباذل ، عالما أنه متى أمره بالحج امتثل أمره ، لأن قدرة الباذل قد أقيمت مقام قدرته فافتقر إلى الثقة بطاعته ، فأما إن كان ذلك عرضا لا يوثق به فلا يلزم ، فإذا اجتمعت هذه الشرائط الأربعة نظر حينئذ في الباذل فإن كان من والديه أبا أو أما أو مولود به ابنا أو بنتا فقد لزمه الفرض ببذله ، وإن كان غير ولد ولا والد ففي لزوم الفرض ببذله وجهان :
[ ص: 11 ] أحدهما : وهو الصحيح وقد نص عليه
الشافعي في " الإملاء " و ( المبسوط ) ، أنه كالولد في لزوم الفرض ببذل طاعته ، لكونه مستطيعا للحج في الحالين .
والوجه الثاني : أن الفرض لا يلزم ببذل غير ولده لما يلحقه من . . . في قبوله ، ولأن حكم الوالد مخالف لغيره في القصاص وحد القذف ، والرجوع في الهبة مخالف غيره في بذل الطاعة وهذا القول اعتذار وتقريب خارج عن معنى الأصل .