فصل : فأما
النيابة في حج التطوع ، فلا تجوز من غير وصية ، وإن وصى بها فعلى قولين :
أحدهما : لا يجوز لأن الأصل في أعمال الأبدان أن النيابة فيه لا تجوز وإنما جاز في حجة الإسلام ولأجل الضرورة وتعذر أداء الفرض ، وهذا غير موجود في التطوع .
والقول الثاني : يجوز لأن كلما صحت النيابة في فرضه صحت النيابة في نفله . أصله : الصدقات ، وعكسه الصلاة والصيام ، فإذا قلنا بجواز النيابة فيه وقع الحج عن المحجوج عنه ، واستحق الأجير الأجرة المسماة وإذا قلنا : إن النيابة فيه غير جائزة ، وقع الحج عن الأجير ، وهل له الأجرة المسماة أم لا على قولين :
أحدهما : لا أجرة له لوقوع الحج عن نفسه فصار كما لو استؤجر وعليه حجة الإسلام لزمه رد الأجرة لوقوع الحج عن نفسه .
والقول الثاني : له الأجرة لأنه أتلف عمله بأدائه على وجه العوض ، فصار كمن استؤجر لحمولة فحملها ، ثم بان أن المستأجر أعطاه حمولة غيره ، فالأجرة له مستحقة ، وفارق أن لو كان عليه حجة الإسلام من وجهين :
أحدهما : أن انتقال الحج إلى نفسه كان من جهته لا من جهة غيره .
[ ص: 18 ] والثاني : أن عمله في ذلك لم يتلف لأنه قد أسقط بذلك عليه ، فبهذين الفرقين اختلفا في رد الأجرة .