فصل : فإن أوصى بإخراجها بعد موته ، فله ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يوصي بإخراجها من رأس ماله .
والثاني : من ثلثه .
والثالث : تطلق الوصية ، فإن وصى بإخراجها من رأس ماله ، وكانت وصيته أفادت الإذكار والتأكيد ، وإن وصى بإخراجها من ثلثه أخرجت من ثلث ماله ، وكأنه قد وفر على ورثته ، فإن ضاق الثلث عنها وجب إتمامها من رأس المال ، وإن
أطلق الوصية بها فلم يجعلها في ثلثه ، ولا من رأس ماله فله حالان :
أحدهما : أن يوصي معها بما يكون في الثلث مثل عتق ، أو صدقة ، فقد ذهب
الشافعي وعامة أصحابه إلى أن الحجة في رأس ماله ، وقد قال
أبو علي بن أبي هريرة تكون
[ ص: 20 ] في ثلثه ، لأنه جمع بينها وبين ما هو في الثلث ، فدل ذلك على أنه قصد أن تكون الحجة في الثلث ، وهذا غلط لأن الجمع بين شيئين لا يوجب اشتراكهما في الحكم .
والحالة الثانية : أن يوصي بإخراجها مفردة ، ولا يوصي معها بشيء سواها ، فمذهب سائر أصحابنا ،
وأبو علي بن أبي هريرة معهم أنها من رأس ماله ، وقال بعض أصحابنا تكون في الثلث لأنه لو أراد إخراجها من رأس ماله ، لأمسك عن الوصية بها وهذا أضعف من قول
أبي علي بن أبي هريرة ، لأن الوصية بها لا تدل على إخراجها من الثلث ، وإنما المقصود به إذكار ورثته ، والله أعلم .