فصل : فأما من
كان مسكنه بين ميقاتين :
أحدهما : أمامه ، والآخر وراءه ،
كأهل الأبواء والعرج والسقيا ،
والروحاء وبدر والصفراء فمعلوم أن مسكنهم بين
ذي الحليفة والجحفة ، وهما ميقاتان ،
فذو الحليفة وراءهما ،
والجحفة أمامهم ، فينظر في حالهم ، فمن كان منهم في جادة
المغرب والشام الذين
[ ص: 76 ] هم على طريق
الجحفة ،
كأهل بدر والصفراء ، فميقاتهم من
الجحفة التي هي أمامهم ، لأن
الجحفة لما كانت ميقاتا
لأهل المغرب والشام الذين هم أبعد دارا منهم ، فأولى أن يكون ميقاتا لهم ، ومن كان منهم في جادة
المدينة ، وعلى طريق
ذي الحليفة ،
كأهل الأبواء والعرج ، فميقاتهم من موضعهم اعتبارا
بذي الحليفة ، لكونهم على جادتها ، وانفصالهم عن
الجحفة يبعدهم عنها ، ومن كان منهم بين الجادتين
كأهل بني حرب ، فإن كانوا إلى جادة
المدينة أقرب ، أحرموا من موضعهم ، وإن كانوا إلى جادة
الشام أقرب ، أحرموا من
الجحفة ، وليس الاعتبار بالقرب من الميقاتين ، وإنما الاعتبار بالقرب من الجادتين ، وإن كانوا بين الجادتين على سواء ، ولم تكن إحدى الجادتين أقرب إليهم من الأخرى ، فعلى وجهين :
أحدهما : أنهم يحرمون من موضعهم ، كمن هو إلى جادة
المدينة أقرب تغليبا لحكم الاحتياط .
والوجه الثاني : أنهم بالخيار بين الإحرام من موضعهم ، وبين الإحرام من
الجحفة : لأن تساوي الحالين يوجب تساوي الحكمين .