[ ص: 81 ] فصل : فأما  
وقت الإهلال بالتلبية  في الاختيار ، فهو أن تنبعث به راحلته ، إن كان راكبا ، أو يتوجه في السير إن كان ماشيا .  
وقال  
أبو حنيفة   يمهل إذا صلى ونص عليه  
الشافعي   في القديم ، استدلالا برواية  
سعيد بن جبير   قال :  
قلت  لابن عباس   إني لأعجب من اختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في إهلاله ، فبعضهم يقول : إنه أهل في محلته ، وبعضهم يقول : إنه أهل حين انبعثت به راحلته ، وبعضهم يقول : أهل حين أشرف على  البيداء      . فقال  ابن عباس      : أنا أعلم الناس بهذا : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم  ذا الحليفة   ، وصلى ركعتين ، ثم أوجب في محلته ، فلما انبعثت به راحلته أهل ، فلما أشرف على  البيداء   أهل . وكان الناس يأتونه أرسالا ، فأدركه قوم فقالوا : أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم في محلته أهل حين انبعثت به راحلته ، أهل حين أشرف على البيداء "     . والدلالة على أن ما ذهب إليه  
الشافعي   ، أولى ، وهو نصه في الجديد ، والإملاء رواية  
ابن عمر   قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل إلا حين تنبعث به راحلته . فنفى وأثبت ، والنفي مع الإثبات لا الإثبات المجرد ، بل هو أوكد ، وهذا إخبار عن دوام فعله وروى  
سعد بن أبي وقاص   قال :  
nindex.php?page=hadith&LINKID=922607كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ في طريق الفرع أهل حين تنبعث به راحلته وفي طريق إحرامه حين أشرف على البيداء     . وهو إخبار عن فعله ، وروى  
أبو الزبير   عن  
جابر      " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  
nindex.php?page=hadith&LINKID=922608إذا توجهتم إلى  منى   ، فأهلوا بالحج     . فدل ما روينا من فعله وقوله ، على أن ما ذهب إليه  
الشافعي   أولى . ولم يكن خبر  
ابن عباس   معارضا لهذه الأخبار ، لأنها أكثر رواة ، ولأنها تشتمل على قول وفعل .  
وابن عباس   نقل فعلا مجردا ولأنهما إخبار عن دوام فعل  
وابن عباس   عن فعل مرة ، على أن خبر  
ابن عباس   يحمل على الجواز ، لأن مجرد الفعل يدل عليه ، وأخبارنا على الاستحباب ، لأن الأمر ودوام الفعل يدل عليه .